للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خلافه، وروايتنا الرابعة عشرة وقول ابن مسعود فيها "لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر" هذه الرواية نص في المسألة كما يقول ابن حجر.

أما شروط إفطار المسافر في رمضان فقد قال عنها النووي في المجموع: لا يجوز الفطر في رمضان في سفر معصية بلا خلاف، ولا في سفر آخر دون مسافة القصر، وهي ثمانية وأربعون ميلاً، وهي مرحلتان، وبهذا قال مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا في سفر يبلغ ثلاثة أيام، وقال قوم: يجوز في كل سفر وإن قصر. اهـ.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم: ]-

١ - قال النووي: في قوله "فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر" في الرواية الأولى دليل لمذهب الجمهور أن الصوم والفطر جائزان.

٢ - وأن المسافر له أن يصوم بعض رمضان دون بعض، ولا يلزم بصوم بعضه إتمامه، وقد غلط بعض العلماء في فهم الحديث، فتوهم أن "الكديد" و"كراع الغميم" من المدينة، وأن قوله "فصام حتى بلغ الكديد وكراع الغميم" كان في اليوم الذي خرج فيه من المدينة، فزعم أنه خرج من المدينة صائماً، فلما بلغ كراع الغميم في يومه أفطر في نهار، واستدل به هذا القائل على أنه إذا سافر بعد طلوع الفجر صائماً له أن يفطر في يومه.

قال: ومذهب الشافعي والجمهور أنه لا يجوز الفطر في ذلك اليوم، وإنما يجوز لمن طلع عليه الفجر في السفر، واستدلال هذا القائل بهذا الحديث من العجائب الغريبة، لأن الكديد وكراع الغميم على سبع مراحل أو أكثر من المدينة. اهـ.

والنووي بذلك يشير إلى أبي مخلد التابعي حيث قال: إن من استهل عليه رمضان في الحضر، ثم سافر بعد ذلك فليس له أن يفطر لقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}

قال ابن المنذر: وقال أكثر أهل العلم: لا فرق بينه وبين من استهل رمضان في السفر، ثم ساق بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} نسخها قوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر} الآية، ففهم ابن عمر من الآية ما فهمه ابن مخلد أن المراد من شهود الشهر شهوده أو شهود بعضه في الحضر، والمراد من "فليصمه" فليصم الشهر كله لا يفطر حضراً ولا سفراً، لكن الجمهور لا يقول بالنسخ ويفسر الآية بأن المعنى من شهد في الحضر الشهر كله فليصمه، فإن شهد بعضه في الحضر فليصم ما شهده. ولا بد من هذا التفسير للجمع بين الأدلة.

أما إذا سافر المقيم، وكان قد نوى الصيام في الليل، ولم يفارق العمران إلا بعد الفجر فليس في الحديث ما يشير إلى حكمه، ومذهب الشافعي المعروف من نصوصه أنه ليس له الفطر في ذلك اليوم، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال بعض الشافعية: له الفطر، وهو مذهب أحمد وإسحق.

٣ - وأن المسافر في أثناء سفره إذا أصبح صائماً ثم أراد أن يفطر فله أن يفطر، لأن العذر قائم، فجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>