وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال "أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل. وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم".
٢٤٠٩ - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
-[المعنى العام]-
للزمن فضيلة ترفع من قيمة العمل الذي يقع فيه، وللمكان فضيلة كذلك، وللعمل فضيلة تختلف درجاتها، من حيث طبيعته ومن حيث الإخلاص فيه، ومن حيث حمايته من الخلل أو الدخيل، وقد بدأ الإمام مسلم كتاب الصوم بفضيلة شهر رمضان، فضيلة الزمن، وأخرج هناك حديث أبي هريرة:"إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين" وفي فضيلة الزمن أيضاً يوم عرفة، ويوم الإثنين والأيام البيض، وشهر الله المحرم، وستة أيام من شوال، ومن حيث المكان سيأتي الكلام عن الاعتكاف في المسجد، ثم فضل الطاعة في المسجد الحرام.
وفي هذا الباب فضل العمل ذاته؛ فضل الصوم، وله خصوصية من بين العبادات، فكل ساعة تجزى بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ثم تضاعف إلى سبعمائة ضعف، أما الصوم فيوفى صاحبه الأجر من غير حساب، مصداقاً لقوله تعالى:{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}[الزمر: ١٠]. والصوم نصف الصبر، ومصداقاً لقول الله تعالى في الحديث القدسي:"كل عمل يعمله ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" ولقول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" وقوله: "للصائم فرحتان" تفوقان كل أفراحه، "إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه" جزاء صومه.
وقد كرم الله الصائمين بتخصيص باب من أبواب الجنة لهم، لا يزاحمهم فيه غيرهم، باب يسمى باب الريان، ومن دخله لا يظمأ أبداً جزاء ظمئه بالصيام، لا يدخل من هذا الباب إلا الصائمون، ويشرفون بالنداء على رءوس الخلائق، يناديهم الملائكة: أين الصائمون؟ هلموا إلى مكانتكم وشرفكم وعزكم وجنتكم، فيدخلون، حتى إذا انتهى آخرهم أغلق الباب بعدهم.