ويروي التاريخ أن عليا -كرم الله وجهه- قد اتهم بالتقاعس عن نصرة عثمان رضي الله عنه ثم اتهم بإيواء قتلته، وعدم القصاص منهم، وحورب في موقعة الجمل وصفين وغيرهما، وزاد الخطب بخروج الخوارج عليه فبغضوه، بل كفروه، ثم بلغ العنت والطغيان ببني أمية وأتباعهم أن اتخذوا لعنه على المنابر سنة.
ذلك التيار المنحرف الضال بعث في أهل السنة التمسك بما ورد من فضائله وإبراز الأحاديث الداعية إلى حبه المحذرة من بغضه.
نعم بالغ بعض شيعته في حبه وتقديسه، نتيجة لمبالغة مخالفيه في عداوته وتحقيره وإهانته، والتطرف يخلق التطرف -كما يقولون- فرفعوه إلى درجة النبوة، بل إلى ما هو أعلى من النبوة، ووضعوا في الأحاديث ما ليس منها وأدخلوا في معتقداتهم ما هو كفر صريح.
والواجب على المسلم إزاء هذه الفتن أن يحب الإمام عليا رضي الله عنه كرم الله وجهه وأن يمسك عن الخوض فيما وقع من فتن وحروب.
وبغض علي والصحابة إن كان من جهة نصرتهم لرسول الله، وحمايتهم لدين الله، فهو كفر لا شك فيه، ونفاق لا مراء فيه، وعليه يحمل الحديث كما مر في حب الأنصار: أما إن كان من غير هذه الجهة، بل من أمر طارئ اقتضى المخالفة، فلا يحكم على صاحبه بالكفر ولا بالنفاق، وعلى هذا الوضع الأخير يحمل ما كان من الصحابة، بعضهم مع بعض في اختلافهم، وفي حروبهم التي وقعت بينهم، ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق.
نعم الخوارج الذين كفروه يستحقون أن يكفروا، وبكفرهم قال كثير من المتكلمين.
وأما مبغضوه ولاعنوه على المنابر فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.