أول ذي الحجة، ويبدو الجواب غير مطابق للسؤال، لذا قال النووي: قال المازري: أجابه ابن عمر بضرب من القياس حيث لم يتمكن من الاستدلال بنفس فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عن المسألة بعينها فاستدل بما في معناه، ووجه قياسه: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرم عند الشروع في أفأفعال الحج والذهاب إليه، فأخر ابن عمر الإحرام بالحج إلى حال شروعه فيه وتوجهه إليه، وهو يوم التروية، وسيأتي حكم ذلك في فقه الحديث.
(مبدأه) منصوب على الظرفية، أي وقت ابتدائه الحج.
-[فقه الحديث]-
تتعرض هذه الأحاديث إلى خمس نقاط:
الأولى: من أي مكان من الميقات يحرم الحاج؟ وقد سبق الكلام عن الحاج من مكة عند الكلام على مواقيت الحج. وهذه الأحاديث تدور حول إحرام الحاج من المدينة، وفيها دلالة على أن ميقات أهل المدينة من عند مسجد ذي الحليفة، ولا يجوز لهم تأخير الإحرام حتى يخرجوا إلى البيداء. قال النووي: وبهذا قال جميع العلماء. قال: وفي الأحاديث دليل لمالك والشافعي والجمهور على أن الأفضل أن يحرم إذا انبعثت به راحلته [ويقاس على ذلك إذا بدأت سيارته التحرك مغادرة مكان مسجد ذي الحليفة] وقال أبو حنيفة: يحرم عقب الصلاة وهو جالس قبل ركوب دابته وقبل قيامه، قال: وهو قول ضعيف للشافعي. اهـ وعند أبي داود والنسائي:"فلما أتى على جبل البيداء أهل" وعند أبي داود عن سعد بن أبي وقاص قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ طريق الفرع أهل إذا استقلت به راحلته، وإذا أخذ طريق أحد أهل إذا أشرف على جبل البيداء" وعند الدارقطني من حديث ابن عباس "ثم قعد على بعيره، فلما استوى على البيداء أهل بالحج".
قال العيني: وعن هذا اختلف العلماء في الموضع الذي أحرم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: إنه أهل من مسجد ذي الحليفة، وقال آخرون: لم يهل إلا بعد أن استوت به راحلته بعد خروجه من المسجد، وقال آخرون: بل أحرم حين أطل على البيداء، وهو قول عطاء والأوزاعي وقتادة، ومنشأ هذا الخلاف أوضحته رواية أبي داود، ولفظها: عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: كيف اختلف الناس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت طائفة: أهل في مصلاه، وقالت طائفة: حين استوت به راحلته، وقالت طائفة: حين علا البيداء؟ فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً، فلما صلى في مسجد ذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظوه عنه، ثم ركب، فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس كانوا يأتون أرسالاً، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا: إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما علا على شرف البيداء [أي على جبل البيداء، قال البكري: البيداء هذه فوق جبلي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي، وفي أول البيداء بئر ماء] أهل، وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا: إنما أهل حين علا شرف البيداء. وايم