الثامنة "فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا""الأكمة" بفتحات ثلاث، هي التل من حجر واحد، ومعنى "فأثبته" أي جعلته ثابتاً في مكانه، لا حراك به، و"الأتان" أنثى الحمار فإطلاق لفظ الحمار في الروايات مجاز. وكأنه رأى مجموعة من حمر الوحش ينفرد عنها حمار، فتبعه حتى أدركه مستتراً بتل من حجر.
(فقال بعضهم: كلوه، وقال بعضهم: لا تأكلوه) في الرواية السادسة "فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم" وفي الرواية الثامنة "فأكلوا من لحمها" أي بعضهم، وفي الرواية التاسعة "فأطعمت أصحابي" أي بعضهم وفي رواية "ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون" وفي رواية "فجعلوا يشوون منه، ثم قالوا: رسول الله بين أظهرنا نلحق به ونسأله -وكان تقدمهم- فلحقوه فسألوه"، فالظاهر أن بعضهم أكل أول ما أتاهم، ثم طرأ عليهم الشك.
(وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا) بفتح الهمزة، أي في الطريق يسبقنا ويتقدمنا.
(فحركت فرسي فأدركته) في الرواية السادسة "فأدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك" وفي الرواية السابعة "فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم .... ثم سأله" وفي الرواية الثامنة فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ..... " وفي الرواية التاسعة "ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته ... " ولا تعارض، فقد سبقهم أبو قتادة فسأل، ثم جاءوا من بعده فسألوا.
(فقال: هو حلال فكلوه) في الرواية السادسة "إنما هي طعمة أطعمكموها الله" أي إنما هي طعام، وفي الرواية السابعة "فقال للقوم: كلوا" وفي الرواية الثامنة "قال: فكلوا ما بقي من لحمها" فالأمر بالأكل أمر بأكل ما بقي، فإن كان الأمر قد صدر لمن ليس معه شيء منه فمعناه كلوا أمثاله حين تجدون أمثاله.
(تخلف مع أصحاب له) أي تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينت الرواية الثامنة سر هذا التخلف، وأنه كان بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم كطليعة استكشاف للمنطقة، وتحسس عن الأعداء.
(محرمين) هذا الوصف باعتبار ما آل إليه أمرهم، فقد بينت الرواية الثامنة أنهم أحرموا بعد أن صرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ساحل البحر، وبعد أن أخذوا الساحل ولم يجدوا عدواً، واتجهوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدواً بغيقة فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما أنا مع أصحابه) "الغيقة" بفتح الغين وسكون الياء موضع من بلاد بني غفار، بين مكة والمدينة، وقيل هي بئر ماء لبني ثعلبة. وفي الكلام طي، وضحه الحافظ ابن حجر بقوله: وحاصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية فبلغ الروحاء أخبروه بأن عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم أن يقصدوه على غرة، فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم، فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا إلا هو فاستمر حلالاً. اهـ