للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمالكية أن المتمتع إذا فرغ من أفعال العمرة صار حلالاً، وحل له الطيب واللباس والنساء وكل محرمات الإحرام، سواء ساق الهدي أم لا، واحتجوا بأنه متمتع أكمل أفعال عمرته، فتحلل، كمن لم يكن معه هدي، وأما حديث حفصة فلا حجة لهم فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفرداً أو قارناً، ولهذا قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة".

٧ - ومن قوله "انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج" استحباب الغسل عند الإحرام، وأنه يستحب لكل من أراد الإحرام بحج أو عمرة سواء الحائض وغيرها.

٨ - وفي إرساله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها إلى التنعيم للإحرام بالعمرة دليل لما قاله العلماء أن من كان بمكة وأراد العمرة فميقاته لها أدنى الحل، ولا يجوز أن يحرم بالعمرة من الحرم، فإن خالف وأحرم بها من الحرم، وخرج إلى الحل قبل الطواف أجزأه، ولا دم عليه، وإن لم يخرج وطاف وسعى وحلق ففيه قولان. قيل: لا تصح عمرته حتى يخرج إلى الحل، ثم يطوف ويسعى ويحلق، وقيل: يصح وعليه دم، لتركه الميقات وهو الأصح.

قال العلماء: وإنما وجب الخروج إلى الحل ليجمع في نسكه بين الحل والحرم، كما أن الحاج يجمع بينهما، فإنه يقف بعرفات، وهي في الحل، ثم يدخل مكة للطواف وغيره. قاله النووي، ثم قال: هذا تفصيل مذهب الشافعي، وهكذا قال جمهور العلماء أنه يجب الخروج للإحرام بالعمرة إلى أدنى الحل، وأنه لو أحرم بها في الحرم ولم يخرج لزمه دم، وقال عطاء: لا شيء عليه، وقال مالك: لا يجزئه حتى يخرج إلى الحل، قال القاضي عياض: وقال مالك: لا بد من إحرامه من التنعيم خاصة، قالوا: وهو ميقات المعتمرين من مكة، وهذا شاذ مردود، والذي عليه الجماهير أن جميع جهات الحل سواء ولا تختص بالتنعيم. والله أعلم.

٩ - ومن خروج عائشة وأمهات المؤمنين -كما هو واضح من الرواية السابعة عشرة- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج استفيد جواز حج الرجل بامرأته، قال النووي: وهو مشروع بالإجماع، وأجمعوا على أن الحج يجب على المرأة إذا استطاعته. واختلف السلف. هل المحرم لها من شروط الاستطاعة؟ وأجمعوا على أن لزوجها أن يمنعها من حج التطوع، وأما حج الفرض فقال جمهور العلماء: ليس له منعها منه، وللشافعي قولان، أحدهما لا يمنعها منه كما قال الجمهور، وأصحهما له منعها، لأن حقه على الفور، والحج على التراخي، قال أصحابنا: ويستحب له أن يحج بزوجته، للأحاديث الصحيحة فيه.

١٠ - ويؤخذ منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوق الهدي إلى الحرم، وكذلك كثير من الصحابة، قال النووي في المجموع: اتفقوا على أنه يستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هدياً من الأنعام [الإبل والبقرة والغنم] وينحره هناك، ويفرقه على المساكين الموجودين في الحرم، ولا يجب الهدي إلا بالنذر، ويستحب أن يكون الهدي معه من بلده، فإن لم يفعل فشراؤه من الطريق أفضل [واشترى ابن عمر هديه من الطريق. انظر روايتنا الثالثة والستين] من شرائه من مكة، ثم من مكة، ثم من عرفات، فإن لم يسقه أصلاً، بل اشتراه من منى جاز، وحصل أصل الهدي. اهـ

وللهدي أحكام فرعية كثيرة تطلب من كتب الفقه، وله في مسلم أبواب كثيرة ستأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>