العمر في ذي القعدة لفضيلة هذا الشهر، ولمخالفة الجاهلية في ذلك، فإنهم كانوا يرونه من أفجر الفجور، ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها، وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه. انتهى.
والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت عمراته تلك في هذا الشهر بحكم الظروف، دون قصد لفضيلة الشهر، فسيأتي أن عمرة في رمضان تعدل حجة، ودون قصد لإبطال عادة الجاهلية وعقيدتهم، إذ لو كان كذلك لما عظم عليهم في حجة الوداع أن يعتمروا في أشهر الحج، ولما ترددوا حينذاك، حين أمروا بالعمرة، حتى أغضبوه. والله أعلم.
وفي قول عائشة في الرواية الرابعة "لعمري" دليل على جواز قول الإنسان: لعمري، وكرهه مالك، لأنه من تعظيم غير الله، ومضاهاته بالحلف بغيره.
وفي قول ابن عمر عن صلاة الناس الضحى إنها بدعة حمله القاضي وغيره على أن مراده أن إظهارها في المسجد بدعة، أو أن الاجتماع لها هو البدعة، لا أن أصل صلاة الضحى بدعة، وقد سبق شرح هذا في كتاب الصلاة.
وفي هذا الحديث أن الصحابي الجليل المكثر الشديد الملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم قد يخفى عليه بعض أحواله، وقد يدخله الوهم والنسيان، لكونه غير معصوم.
وفيه رد بعض العلماء على بعض.
وحسن الأدب في الرد.
وحسن التلطف في استكشاف الصواب، إذا ظن السامع خطأ المحدث.