للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة) قال الحافظ: عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق، لطيم الشيطان، ليست له صحبة ولا كان من التابعين بإحسان، وعرف بالأشدق لأنه صعد المنبر، فبالغ في شتم علي رضي الله عنه، وتشدق في الكلام، ولاه يزيد بن معاوية المدينة، وكان قدومه والياً على المدينة سنة ستين، وهي السنة التي ولي فيها يزيد الخلافة، فامتنع ابن الزبير من بيعته، وأقام بمكة، فجهز إليه عمرو بن سعيد بأمر من يزيد جيشاً لقتاله، وأمر على الجيش عمرو بن الزبير، وكان معادياً لأخيه عبد الله، فجاء مروان إلى عمرو بن سعيد، فنهاه، فامتنع، فجاء أبو شريح، فذكر ما في الحديث. فلما نزل الجيش ذا طوى قريباً من مكة خرج إليهم جماعة من أهل مكة، فهزموهم، وأسروا عمرو بن الزبير، فسجنه أخوه بسجن عارم، وكان عمرو بن الزبير قد ضرب جماعة من أهل المدينة، ممن اتهمهم وهو قائد الشرطة بالمدينة بالميل إلى أخيه، فأقادهم عبد الله منه، فمات من ذلك الضرب.

فالمراد من البعوث الجيش المجهز للقتال.

(ائذن لي أيها الأمير) روي "إيذن لي" وأصله إئذن لي بهمزتين، فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وأيها الأمير منادى، بحذف حرف النداء.

(أحدثك) بسكون الثاء، مجزوم في جواب الأمر.

(سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به) أي حملته عنه بغير واسطة، وبكل انتباه حين تكلم به، فذكر الأذنين لتأكيد السمع، وذكر العينين لزيادة تأكيد الإبصار، ويشير إلى بيان حفظه، وتحقق فهمه وتثبته بقوله ووعاه قلبي وزيادة في تحقيق ذلك أشار إلى أن سماعه منه لم يكن معتمداً على السمع فقط بل كان مع الشاهدة والتمكن والتحقق.

(إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس) أي إن الله حرم مكة ابتداء، من غير سبب ينسب لأحد، ولا لأحد فيه مدخل، ثم أكد هذا المعنى بقوله ولم يحرمها الناس فتحريمها ثابت بالشرع، لا مدخل للعقل فيه، وليس من محرمات الناس في الجاهلية، كبعض الأمور التي حرموها من عند أنفسهم، فيجب امتثال ذلك.

(فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر) قال ابن دقيق العيد هذا من خطاب التهييج، نحو قوله تعالى {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} [المائدة: ٢٣]. فالمعنى أن استحلال هذا المنهي عنه لا يليق بمن يؤمن بالله واليوم الآخر بل ينافيه.

(أن يسفك بها دماً) يسفك بكسر الفاء على المشهور، وحكى ضمها أي يسيله ويصبه، والمراد به القتل.

(فإن أحد ترخص) "أحد" فاعل بفعل محذوف، يفسره ما بعده، أي إن ترخص أحد، وترخص من الرخصة، وفي رواية لأحمد "فإن ترخص مترخص" أي متكلف للرخصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>