وهل حرمتها وقدسية كعبتها تعيذ العاصي الذي يلتجئ إليها؟ .
هذا أهم ما تتعرض له هذه الأحاديث، ولئن اختلف الفقهاء في تلك المسائل فإن ظاهر هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها يوم الفتح غير محرم، صرح بذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنه وكذلك دخل المسلمون الفاتحون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إحرام، فهل كان هذا قراراً شرعياً، وحكماً ثابتاً ليوم القيامة؟ أو كان ضرورة من ضرورات الشرع أباحت المحظور، فأحلت القدسية ذاك اليوم، ثم عادت حرمتها وقدسيتها، ووجوب الإحرام لداخلها؟ خلاف، وفي خلافهم هذا رحمة إن شاء الله".
-[المباحث العربية]-
(وعلى رأسه مغفر) المغفر بكسر الميم وسكون الغين وفتح الفاء زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقيل هو رفرف البيضة وقيل هو ما يجعل من فضل دروع الحديد على الرأس مثل القلنسوة وفي رواية للحاكم "عليه مغفر من حديد".
(فلما نزعه جاءه رجل) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمه، وقد جزم الفاكهي في شرح العمدة أنه أبو برزة الأسلمي، وكأنه لما رجح عنده أنه الذي تولى قتل ابن خطل رأى أنه هو الذي جاء يخبر به. ويؤيده ما جاء في بعض الروايات بلفظ "اقتله" وفي الرواية الثانية والثالثة "دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء" وقد زعم الحاكم في الإكليل أن بين الروايتين معارضة، وتعقب باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم نزعه ولبس العمامة بعد ذلك فحكى كل من أنس وجابر ما رآه، ويؤيده ما جاء في الرواية الرابعة والخامسة "أنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء"، وكانت الخطبة عند باب الكعبة بعد تمام الدخول. وجمع بعضهم باحتمال أن يكون قد لف العمامة السوداء فوق المغفر، أو كانت تحت المغفر وقاية لرأسه من صدأ الحديد، فعبر كل منهما بما يوحي بقصده، أنس قصد بذكر المغفر أنه دخل متهيئاً للحرب، وجابر قصد بذكر العمامة أنه دخل غير محرم.
(ابن خطل متعلق بأستار الكعبة؟ فقال اقتلوه) ابن خطل بفتح الخاء وفتح الطاء، واسمه عبد العزى وقيل اسمه عبد الله وجمع بين القولين بأنه كان يسمى عبد العزى فلما أسلم سمي عبد الله واسم خطل عبد مناف، من بني تيم ابن فهر بن غالب، ولم يؤمنه صلى الله عليه وسلم كما أمن أهل مكة لأنه كان مسلماً، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً وبعث معه رجلاً من الأنصار، ورجلاً من مزينة، وقال أطيعا الأنصاري حتى ترجعا، فقتل ابن خطل الأنصاري، وهرب المزني، ثم ارتد مشركاً، واتخذ جاريتين قينتين، تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح مع آخرين، وقال "اقتلوه، وإن وجد متعلقاً بأستار الكعبة".
وقد روى الحاكم أن ابن خطل أخذ من تحت أستار الكعبة، فقتل بين المقام وزمزم واختلف