صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء: ٤]. وجاء الحديث الشريف بالنهي عن الشغار.
-[المباحث العربية]-
(نهى عن الشغار) بكسر الشين، أصله في اللغة الرفع، يقال: شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، وشغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع وفي الشرع -كما فسره نافع- أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق، وكأن بضع كل منهما صداق للأخرى، كأن كلاً منهما قال لصاحبه: لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك. وقيل: هو من شغر البلد إذا خلا، سمي بذلك لخلوه عن الصداق، ومعنى "نهى عن الشغار" أي نهى عن نكاح الشغار، ففي الكلام مضاف محذوف.
-[فقه الحديث]-
كان الشغار من نكاح الجاهلية، فحرمه الإسلام، وفي علة النهي خلاف بين الفقهاء، قيل: هو خلو بضع كل منهما من الصداق، وقيل: هو تزويج كل من الوليين وليته للآخر بشرط أن يزوجه وليته، وقيل: العلتان معاً، فعلى الأخير ليس من نكاح الشغار الممنوع أن يزوج كل منهما الآخر بغير شرط وإن لم يذكر الصداق، وليس منه أن يزوج كل منهما الآخر بالشرط مع ذكر صداق، وذهب أكثر الشافعية إلى أن علة النهي الاشتراك في البضع، لأن بضع كل منهما يصير مورد العقد، وجعل البضع صداقاً مخالف لإيراد عقد النكاح. قال الخطابي: كان أبو هريرة يشبهه برجل تزوج امرأة، واستثنى عضواً من أعضائها؛ وذلك أنه يزوج وليته ويستثني بضعها، حيث يجعله صداقاً للأخرى.
وقال القفال: العلة في البطلان التعليق والتوقيف، فكأنه يقول: لا ينعقد لك نكاح ابنتي حتى ينعقد لي نكاح بنتك.
ومهما كانت علة النهي، فقد أجمعوا على أنه منهي عنه، لكن اختلفوا في صحته، فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه الخطابي عن أحمد، وقال مالك يفسخ قبل الدخول، لا بعده، وفي رواية عنه: يفسخ قبل الدخول وبعده، وذهب الحنفية إلى صحته ووجوب مهر المثل، وهو قول الزهري ومكحول والثوري والليث ورواية عن أحمد وإسحق وأبي ثور وهو قول على مذهب الشافعية وقال النووي: وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات، وبنات الأخ والعمات، وبنات الأعمام والإماء كالبنات في هذا.