للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها ما لا يوفى به اتفاقاً، كسؤال طلاق أختها.

ومنها ما اختلف فيه، كاشتراط أن لا يتزوج عليها، أو لا ينقلها من منزلها.

وعند الشافعية: الشروط في النكاح على ضربين: منها ما يرجع إلى الصداق، فيجب الوفاء به، ومنها ما يكون خارجاً عنه فيختلف الحكم فيه، فإن كانت هذه الشروط لا تنافي مقتضى النكاح، بل تكون من مقتضياته ومقاصده، فيجب الوفاء بها، كاشتراط العشرة بالمعروف، والإنفاق، والكسوة، والسكنى، وألا يقتصر في شيء من حقها، من قسمة ونحوها، وكشرطه عليها ألا تخرج إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها، ولا تتصرف في متاعه إلا برضاه ونحو ذلك.

وإن كانت هذه الشروط تنافي مقتضى النكاح، كأن لا يقسم لها، أو لا يتزوج عليها، أو لا ينفق عليها، أو نحو ذلك، فلا يجب الوفاء بها، بل إن وقع في صلب العقد لغاً، وصح النكاح بمهر المثل إن كان قد جعل المهر كله أو بعضه مقابلاً لهذا الشرط، وفي قول: يجب المهر المسمى، ولا أثر للشرط.

وهو قول الليث والثوري والجمهور، حتى لو كان صداق مثلها مائة مثلاً، فرضيت بخمسين على ألا يخرجها فله إخراجها ولا يلزمه إلا المسمى، وقالت الحنفية: لها أن ترجع عليه بما نقصته له من الصداق.

وحجتهم حديث "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" وحقوق الزوج إذا شرط عليه إسقاط شيء منها كان شرطاً ليس في كتاب الله فيبطل.

وحديث "المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً" وحديث "المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق".

وبهذا حكم علي رضي الله عنه، واختلفت الروايات عن عمر رضي الله عنه، فقد روى أن رجلاً تزوج امرأة فشرط لها أن لا يخرجها من دارها. فارتفعوا إلى عمر، فوضع الشرط، وقال: المرأة مع زوجها.

وروي أنه قال في هذه القضية: "لها شرطها، قال الرجل: هلك الرجال، إذن لا تشاء امرأة أن تطلق زوجها إلا طلقت. فقال عمر: المؤمنون على شروطهم. إن مقاطع الحقوق عند الشروط، ولها ما اشترطت" وقال أحمد وجماعة: يجب الوفاء بالشرط مطلقاً.

ويتعلق بهذه القضية مسألة ما يشترطه الولي لنفسه من مال وغيره، يدفعه الزوج له، ويعرف في بعض البلاد بالحلوان، فقيل: هو حق للمرأة مطلقاً، ولا حق فيه للولي، وهو قول عطاء وجماعة من التابعين، وبه قال الثوري وأبو عبيد، وقيل: هو لمن شرطه. قاله مسروق وعلي بن الحسين، وقيل: يختص ذلك بالأب، دون غيره من الأولياء.

وقال الشافعي: إن وقع في نفس العقد وجب للمرأة مهر مثلها، وإن وقع خارجاً عنه لم يجب، وقال مالك: إن وقع في حال العقد فهو من جملة المهر، وإن وقع خارجاً عنه فهو لمن وهب له.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>