(سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها. أتستأمر)"ينكحها" بضم الياء وسكون النون وكسر الكاف، والمراد من "أهلها" وليها، والمراد من الجارية البكر، بدليل رواية البخاري "قالت: يا رسول الله، إن البكر تستحي"؟ ومن حكم البكر ووجوب استئمارها يعلم حكم الثيب من باب أولى.
(الأيم أحق بنفسها من وليها) الظاهر أن المراد من "الأيم" هنا الثيب، وعليه علماء الحجاز وجمهور الفقهاء، لأمور ثلاثة:
الأول: أنه جاء مفسراً بالثيب في الرواية الرابعة والخامسة.
الثاني: أنها جعلت مقابلة للبكر.
الثالث: أن أكثر استعمالها في اللغة في الثيب.
وقال الكوفيون وزفر: الأيم هنا كل امرأة لا زوج لها، بكراً كانت أو ثيباً، كما هو مقتضاه في اللغة.
قالوا: فكل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها، وعقدها على نفسها النكاح صحيح، وبه قال الشعبي والزهري.
واختلفوا أيضاً في المراد من كلمة "أحق" هل هي أفعل تفضيل على بابها؟ تدل على أن أمرين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر في هذه الصفة؟ بمعنى أن لها في النكاح في نفسها حقاً، ولوليها حقاً؟ وحقها أوكد من حق وليها؟ فإن أراد تزويجها كفؤاً وامتنعت لم تجبر؟ ولو أرادت أن تزوج كفؤاً فامتنع الولي أجبر؟ فإن أصر زوجها القاضي؟ لما لها من حق آكد، ومن رجحان حقها؟ وفيم هي أحق؟ هل هي أحق من وليها في الإذن والموافقة؟ أو في كل شيء من عقد وغيره؟ أو أفعل التفضيل ليس على بابه؟ والمراد وأن الأيم صاحبة الحق في نفسها في النكاح، ولا حق لوليها فيه، وأن الولي ليس من أركان صحة النكاح، بل هو من تمامه وكماله؟ كما قال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري؟ أو أن للولي حقاً، لكن لها أن تعقد على نفسها بدونه، وتتوقف صحة النكاح على إجازته؟ كما قال الأوزاعي وأبو يوسف ومحمد؟ .
(تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين) أي عقد عليها وهي بنت ست سنين، وفي الرواية الثامنة "سبع سنين" ويجمع بينهما بأنها كان لها ست سنين وأشهر، فمرة جبر الكسر، ومرة ألغى الكسر.
(فوفى شعري جميمة) معطوف على محذوف، تقديره، فتساقط شعر رأسي، فشفيت، فعاد شعري، فوفى -بفتح الواو والفاء مخففة- أي كثر ونما، حتى ظهر في هيئة جميمة -تصغير "جمة" بضم الجيم وتشديد الميم، وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوهما، أي صار إلى هذا الحد، بعد أن كان قد ذهب بالمرض.