(فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار) أي شرع في زواجها، فخطبها.
(أنظرت إليها؟ قال: لا. قال: فاذهب فانظر إليها) في الرواية الثانية "هل نظرت إليها؟ .... قال: قد نظرت إليها" يحتمل أن يكون رجلاً آخر غير الأول، الأول لم يكن نظر إليها، فأمر بالذهاب والنظر إليها، والثاني قد نظر إليها قبل مجيئه، وقد جاء يطلب المساعدة في زواجه، كما يبينه الحديث، ويحتمل أن الحديثين عن رجل واحد، لم يكن نظر، فأمر بالنظر، فذهب فنظر فجاء، فسئل: هل نظرت؟ فأجاب بنعم، ثم عرض حاجته.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا الرجل يحتمل أن يكون المغيرة، فقد أخرج الترمذي والنسائي من حديثه أنه "خطب امرأة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: انظر إليها، فإنه أحرى أن يدوم بينكما". قلت: هذا الاحتمال بعيد، فقصة الرجل في الرواية الثانية لا تنطبق على المغيرة.
(فإن في أعين الأنصار شيئاً) قال النووي: هكذا الرواية "شيئاً" بالهمزة، واحد الأشياء، قيل: المراد صغر، وقيل: المراد زرقة، وقال الغزالي: قيل عمش. ورجح الحافظ الصغر، حيث جاء اللفظ في بعض الروايات.
(على أربع أواق) من الفضة. فهم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا من حال الرجل، فأعادها على أسلوب الاستفهام التعجبي، أو التوبيخي، على معنى ما كان ينبغي.
(كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل)"عرض" بضم العين وإسكان الراء، وهو الجانب والناحية و"تنحتون" بكسر الحاء، أي تقشرون وتقطعون. قال النووي: ومعنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: في الحديث استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة، وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء، وحكى القاضي عن قوم كراهيته، [نسب هذا إلى المزني، حيث قال: لا يجوز أن ينظر إلى شيء منها، وقالت طائفة منهم يونس بن عبيد وإسماعيل بن علية وقوم من أهل الحديث: لا يجوز النظر إلى الأجنبية مطلقاً إلا لزوجها أو ذي رحم محرم منها، واحتجوا بحديث علي "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى" رواه الطحاوي والبزار وأحمد وأبو داود والترمذي] وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة، عند البيع والشراء والشهادة ونحوها. ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط، لأنهما ليسا بعورة، ولأنه يستدل بالوجه على الجمال، أو على ضده، وبالكفين على خصوبة البدن،