(ثم طأطأ رأسه) هو بمعنى رواية البخاري "فلم يجبها شيئاً" ورواية أخرى "فصمت" ورواية ثالثة "فلم يردها" والمقصود أنه سكت سكوت من لا يستطيع قضاء الحاجة، وفهمته المرأة، وفهمه الحاضرون. وكان سكوته إما حياء من مواجهتها بالرد، وإما تفكراً في جواب يناسب المقام، وإما انتظاراً للوحي.
(فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست) لقد فهمت من السكوت عدم الرغبة، لكنها لم تبالغ في الإلحاح في الطلب مع شدة رغبتها، ولم تيأس من الرد، فجلست تنتظر الفرج.
(فقام رجل من أصحابه) في بعض الروايات "فقام رجل أحسبه من الأنصار".
(إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها) في بعض الروايات "أنكحنيها" وفي بعض الروايات "زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة" ولا يعارض هذا ما جاء في بعض الروايات من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل قول الرجل: "لا حاجة لي" لجواز أن تتجدد الرغبة فيها بعد أن لم تكن.
(فهل عندك من شيء) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا كنت تريد زواجها فهل عندك من شيء؟ زاد في بعض الروايات "تصدقها إياه"؟ وفي بعض الروايات "ألك مال"؟ .
(فقال: لا. والله يا رسول الله) زاد في بعض الروايات (قال: إنه لا يصلح) وفي بعضها "قال: فلا بد لها من شيء" ووقع عند النسائي بعد قوله "لا حاجة لي". "ولكن تملكيني أمرك؟ قالت: نعم. فنظر في وجوه القوم، فدعا رجلاً، فقال لها: إني أريد أن أزوجك هذا إن رضيت. فقالت: ما رضيت لي فقد رضيت" قال الحافظ: إن كانت القصة متحدة يحتمل أن يكون قد استرضاها أولاً، ثم تكلم مع الرجل في الصداق، وإن كانت القصة متعددة فلا إشكال، ووقع في بعض الروايات "أن رجلاً قال: إن هذه امرأة رضيت بي فزوجها مني. قال: فما مهرها؟ قال: ما عندي شيء. قال: أمهرها ما قل أو كثر. قال: والذي بعثك بالحق ما أملك شيئاً".
(انظر ولو خاتماً من حديد)"لو" هنا حرف للتقليل، و"خاتماً" مفعول "انظر" وفي بعض الروايات "اذهب فالتمس" وفي رواية للبخاري "اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد" وفي إعرابه أنه من باب حذف "كان" مع اسمها، والتقدير: ولو كان المنظور أو الملتمس خاتماً من حديد.
(ولا خاتماً من حديد) وقع في "خاتم" النصب على المفعولية، أي ولا خاتماً من حديد وجدت، والرفع، على تقدير: ولا خاتم من حديد حصل لي. وقد وقع في كثير من الروايات أنه طلب إليه أن يذهب مرتين فذهب مرتين.
(ولكن هذا إزاري -قال سهل: ما له رداء- فلها نصفه) قول سهل: "ما له رداء" وكلام الرجل: "هذا إزاري فلها نصفه". قال الحافظ: وهم القرطبي حين ظن أن قوله "فلها نصفه" من كلام سهل، فشرحه على أنه لو كان له رداء لشركها النبي صلى الله عليه وسلم فيه. قال الحافظ: وهذا بعيد، إذ ليس في كلام