لكن قال جمهور الشافعية: يكره من غير حاجة، وكان هذا محتاجاً ليؤكد قوله.
٩ - وفيه جواز تزويج المعسر، وتزوجه.
١٠ - ومن قوله "ما تصنع بإزارك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء" دليل على نظر كبير القوم في مصالحهم، وهدايته إياهم إلى ما فيه الرفق بهم.
١١ - وفيه جواز لبس الرجل ثوب امرأته إذا رضيت، أو غلب على ظنه رضاها، وهو المراد في هذا الحديث.
١٢ - وفيه دليل لجواز كون الصداق تعليم القرآن.
١٣ - وجواز الاستئجار لتعليم القرآن. وكلاهما جائز عند الشافعي، وبه قال عطاء والحسن بن صالح ومالك وإسحق وغيرهم، ومنعه جماعة، منهم الزهري وأبو حنيفة. قال النووي: وهذا الحديث مع الحديث الصحيح "إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" يردان قول من منع ذلك، ونقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة سوى أبي حنيفة.
١٤ - وفيه أن الهبة في النكاح خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لقول الرجل: زوجنيها ولم يقل: هبها لي.
١٥ - وفيه أن الإمام يزوج من ليس لها ولي خاص، لمن يراه كفؤاً لها، ولكن لا بد من رضاها بذلك، وقال الداودي: ليس في الحديث أنه استأذنها، ولا أنها وكلته [لا يعترف بالروايات التي وردت في ذلك] وإنما هو من قوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: ٦]. يعني فيكون خاصاً به صلى الله عليه وسلم، أنه يزوج من شاء من النساء بغير استئذانها لمن شاء.
١٦ - وفيه أن الهبة لا تتم إلا بالقبول.
١٧ - وفيه جواز الخطبة على خطبة من خطب إذا لم يقع بينهما ركون، ولا سيما إذا لاحت بوادر الرد. وفيه نظر.
١٨ - وفيه دليل على تخصيص العموم بالقرينة، لأنه لما قال له "فهل عندك من شيء" "فقال: لا" دل على أنه خصص عموم "شيء"، لأن لفظ "شيء" يشمل الخطير والتافه، وهو كان لا يعدم التافه، كالنواة، لكنه فهم ما له قيمة في الجملة، فلذلك نفى أن يكون عنده، ونقل القاضي عياض الإجماع على أن مثل الشيء الذي لا يتمول ولا له قيمة لا يكون صداقاً، ولا يحل به النكاح، لكن ابن حزم خرق هذا الإجماع، فقال: يجوز بكل ما يسمى شيئاً، ولو كان حبة من شعير.
١٩ - واستدل به على جواز جعل المنفعة صداقاً، ولو كان تعليم القرآن. قال المازري: هذا ينبني على أن الباء للتعويض، كقولك: بعتك ثوبي بدينار، وهذا هو الظاهر، وإلا لو كانت بمعنى اللام على معنى تكريمه، لكونه حاملاً للقرآن لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون زوجه لأجل ما حفظه من القرآن، وأصدق عنه، أو ثبت الصداق في ذمته، ويكون ذكر القرآن وتعليمه على سبيل التحريض على تعلم القرآن وتعليمه، وتنويهاً بفضل أهله، قالوا: ومما يدل على أنه لم يجعل التعليم صداقاً أنه لم يقع معرفة الزوج بفهم المرأة، وهل فيها قابلية التعليم بسرعة أو ببطء، مما يجعل العوض مجهولاً، والجواب عن ذلك أن مثل هذا