يحتمل أن يكون قال "خربت خيبر" بطريق الوحي، أي ستخرب، وقال النووي: فيه وجهان: أحدهما أنه دعاء، وتقديره: أسأل الله خرابها، والثاني أنه إخبار بخرابها على الكفار، وفتحها للمسلمين. اهـ أي تبشير بحصول ذلك.
(إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين) يستشهد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين}[الصافات: ١٧٦، ١٧٧]. والساحة هي المكان الواسع عند الدور، "وساء" معناها قبح، وقيل: بمعنى بئس، و"المنذرين" هم الكافرون، فإنهم ينذرون قبل الإغارة عليهم ومحاربتهم فالرسول صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه مقدماً بنتيجة المعركة.
(وأصبناها عنوة) بفتح العين، أي قهراً، لا صلحاً. قال النووي: وبعض حصون خيبر أصيب صلحاً. أي حصل عليه المسلمون صلحاً، لكنهم نكثوا عهدهم، فسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذرية، ومن عليهم بأن أبقاهم عمالاً بالأرض على جعل مما يخرج منها، وليس لهم فيها ملك.
(فجاءه دحية) بكسر الدال وفتحها.
(فأخذ صفية بنت حيي) بن أخطب بن سعيه -فتح السين وسكون العين- بن عامر بن عبيد بن كعب، من ذرية هارون بن عمران، أخي موسى عليهما السلام، وأمها برة بنت شموال، من بني قريظة، وكانت تحت سلام بن مشكم القرظي، ثم فارقها، فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضيري، فقتل عنها يوم خيبر، فسبيت من حصن القموص، وهو حصن بني أبي الحقيق، فأبوها سيد قريظة، وزوجها ابن سيد بني النضير، قتل عنها وهو عروس. قيل: كان اسمها قبل أن تسبي زينب، فلما اصطفيت من السبي سميت صفية، والصحيح أن اسمها قبل السبي كان صفية، يؤيده قول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم:"يا نبي الله أعطيت دحية صفية بنت حيي"؟ . (خذ جارية من السبي غيرها) في الرواية الرابعة "ووقعت في سهم دحية جارية جميلة، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس" قال الحافظ ابن حجر: الأولى في طريق الجمع أن المراد بسهمه هنا نصيبه الذي اختاره لنفسه، وذلك أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه جارية، فأذن له أن يأخذ جارية، فأخذ صفية، فلما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إنها بنت ملك من ملوكهم ظهر له أنها ليست ممن توهب لدحية، لكثرة من كان في الصحابة مثل دحية، وفوقه، وقلة من كان في السبي مثل صفية في نفاستها، فلو خصه بها لأمكن تغير خاطر بعضهم، فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه، واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها، فإن في ذلك رضا الجميع، وليس ذلك من الرجوع في الهبة من شيء، وأما إطلاق الشراء على العوض فعلى سبيل المجاز، ولعله عوضه عنها بنت عمها أو بنت عم زوجها، فلم تطب نفسه، فأعطاه من جملة السبي زيادة على ذلك.
(حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم) هي أم أنس، وفي الرواية الرابعة "ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها له، وتهيئها وتعتد في بيتها" أي تستبرئ، وفي رواية للبخاري "فخرج بها حتى