١١ - واستحباب بعث السلام إلى الصاحب، وإن كان أفضل من الباعث، لكن هذا يحسن إذا كان بعيداً عن موضعه، أو له عذر في عدم الحضور بنفسه للسلام.
١٢ - وفيه أن الزائر لا يثقل على صاحب البيت بطول المكث والاستئناس بالحديث، وقد أطلق على هذه الآية آية الثقلاء.
١٣ - قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به، فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين، فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها، ولا إظهار شخوصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة، ثم استدل بما في الموطأ من أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها، وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها. اهـ
قال الحافظ ابن حجر: وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن، وقد كن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن. وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان، لا الأشخاص. ثم قال: والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام: احجب نساءك. وكرر ذلك حتى نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً، ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك فلم يجب إلى هدفه وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:"خرجت سودة -بعد ما ضرب الحجاب- لحاجتها، وكانت جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين؟ قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وأنه ليتعشى، وفي يده عرق -عظم عليه بقية لحم- فدخلت، فقالت: يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا. قالت: فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: "إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن" نعم ورد في سبب نزول الحجاب سبب آخر، أخرجه النسائي عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيساً، فمر عمر، فدعاه، فأكل، فأصاب إصبعه إصبعي، فقال: حس -أو أوه- لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزل الحجاب" قال الحافظ ابن حجر: ويمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب، فلقربه منها أطلقت نزول الحجاب بهذا السبب، ولا مانع من تعدد الأسباب.