(فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك) أي في ذلك الوقت، أو في ذلك الوقاع وفي ذلك الجماع، أو في ذلك الحال.
(لم يضره شيطان أبداً) بتنكير "شيطان" وفي رواية "لم يسلط عليه الشيطان، أو لم يضره الشيطان" فاللام للعهد، والمعهود الشيطان المذكور في دعائه "اللهم جنبنا الشيطان" وسيأتي في فقه الحديث تفصيل الضرر المنفي.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: قال القاضي: معنى "لا يضره شيطان" أي لا يصرعه، وقيل: لا يطعنه عند ولادته، بخلاف غيره، قال: ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء.
وقال الحافظ ابن حجر: واختلف في الضرر المنفي، بعد الاتفاق على ما نقل عياض على عدم الحمل على العموم في أنواع الضرر، وإن كانت صيغة النفي مع التأبيد ظاهره في الحمل على عموم الأحوال، لكن هذا الظاهر غير مراد باتفاق. ثم اختلفوا. فقيل: لا يطعنه عند ولادته، فإن هذا الطعن نوع ضرر في الجملة، وقد روى البخاري "كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعيه حين يولد غير عيسى ابن مريم" كذا قال الحافظ ولعله يريد: فإن هذا الطعن يؤثر ضرراً مستقبلاً يحمي الله منه بذكر الله عند الجماع الذي كان منه. وقيل: المعنى لم يسلط عليه من أجل بركة التسمية، بل يكون من جملة العباد الذين قال الله فيهم {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}[الحجر: ٤٢]. أقول: وبركة الذكر على هذا مرتبطة بإخلاص الذاكر وأهليته للقبول والبركة، وقيل: لم يفتنه عن دينه إلى الكفر، وليس المراد عصمته من المعصية، وقيل: لم يصرعه ولم يصبه بالخبل، وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه. قال الحافظ: ولعل هذا أقرب الأجوبة. اهـ أما متى يقول هذا الذكر؟ وهذا الدعاء؟ فمذهب الجمهور أن يقوله في مقدمات المباشرة، كتشمير ثيابه، ومداعباته وتهيئه وقبل الإيلاج، وأجاز مالك أن يقوله عند المباشرة، بل في أثنائها. ومن نسي يذكر الله، ويدعو بقلبه دون لسانه عند الجمهور.
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
١ - استحباب التسمية والدعاء عند كل عمل، والمحافظة على ذلك، حتى في حالة الملاذ كالوقاع.
٢ - الاعتصام بذكر الله، ودعاء الله من الشيطان، والتبرك باسمه، والاستعاذة به من كل سوء.
٣ - الحث على أن يستحضر المؤمن أن الميسر لأي عمل، والمعين عليه هو الله تعالى.
٤ - أن الشيطان ملازم لابن آدم، لا ينطرد عنه إلا بذكر الله تعالى.