فقلت له: إن كنت تريد المكابرة وتصحيح الروايات وإن لم تصح فأنت أعلم، وإن تكلمت بالمناصفة كلمتك على المناصفة؟ قال: على المناصفة. قلت: فبأي شيء حرمته؟ قال: بقوله تعالى {فأتوهن من حيث أمركم الله}[البقرة: ٢٢٢]. وقوله {فأتوا حرثكم أنى شئتم} والحرث لا يكون إلا في الفرج. قلت: أفيكون ذلك محرماً لما سواه؟ قال: نعم. قلت: فما تقول: لو وطئها بين ساقيها؟ أو في أعكانها؟ العكنة بضم العين وسكون الكاف ما انطوى وتثنى من لحم البطن سمناً أو تحت إبطيها؟ أو أخذت ذكره بيدها؟ أو في ذلك حرث؟ قال: لا. قلت: فيحرم ذلك؟ قال: لا. قلت: فلم تحتج بما لا حجة فيه؟ قال الحاكم بعد أن حكى عن الشافعي ما سلف: لعل الشافعي كان يقول ذلك في المذهب القديم، فأما الجديد فالمشهور أنه حرمه، وقال المزني: قال الشافعي: ذهب بعض أصحابنا إلى إحلاله، وآخرون إلى تحريمه ولا أرخص فيه، بل أنهى عنه. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص: لا خلاف في ثقة ابن عبد الحكم وأمانته، ولم ينفرد بالنقل عن الشافعي، وقد روى الجواز أيضاً عن مالك، قال القاضي أبو الطيب في تعليقه إنه روى ذلك عنه أهل مصر وأهل المغرب، ورواه عنه ابن رشد في كتاب البيان والتحصيل، وقد نقل ابن قدامة رواية عن مالك قوله: ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال، ثم أنكر ذلك أصحابه العراقيون.
وقال المزني: حكى أن مالكاً سئل عن ذلك؟ فقال: الآن اغتسلت منه.