٣ - واستدل به على أن قليل الرضاع يحرم، كما يحرم كثيره، لعدم الاستفصال فيه ولا حجة فيه، لأن عدم الذكر لا يدل على العدم المحض.
٤ - وفيه أن من شك في حكم يتوقف عن العمل حتى يسأل العلماء عنه.
٥ - وأن من اشتبه عليه الشيء طالب المدعي ببيانه ليرجع إليه أحدهما.
٦ - وأن العالم إذا سئل يصدق من قال الصواب قبله.
٧ - وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب.
٨ - ومشروعية استئذان المحرم على محرمه.
٩ - وأن المرأة لا تأذن في بيت الرجل إلا بإذنه.
١٠ - قال القرطبي عن قوله في الرواية الثالثة عشرة والرابعة عشرة "لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي" قال: فيه تعليل الحكم بعلتين، فإنه علل تحريمها بكونها ربيبة وبكونها بنت أخ من الرضاعة، قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أنه نبه على أنها لو كان بها مانع واحد لكفي في التحريم، فكيف وبها مانعان؟ فليس من التعليل بعلتين في شيء لأن كل وصفين يجوز أن يضاف الحكم إلى كل واحد منهما لو انفرد، فإما أن يتعاقبا فيضاف الحكم إلى الأول منهما، كالسببين إذا اجتمعا ومثاله: إذا أحدث ثم أحدث بغير تخلل طهارة فالحدث الثاني لم يعمل شيئاً، أو يضاف الحكم إلى الثاني، كما في اجتماع السبب والمباشرة وقد يضاف إلى أشبههما وأنسبهما، سواء كان الأول أو الثاني، فعلى كل تقدير لا يضاف إليهما جميعاً، وإن قدر أنه يوجد فالإضافة إلى المجموع، ويكون كل منهما جزء علة، لا علة مستقلة، فلا تجتمع علتان على معلول واحد.
هذا الذي يظهر. والمسألة مشهورة في الأصول، وفيها خلاف. قال القرطبي: والصحيح جوازه، لهذا الحديث وغيره.
١١ - وفي الحديث إشارة إلى أن التحريم بالربيبة أشد من التحريم بالرضاعة.
١٢ - قال النووي: قوله "ربيبتي في حجري" فيه حجة لداود الظاهري أن الربيبة لا تحرم إلا إذا كانت في حجر زوج أمها، فإن لم تكن في حجره فهي حلال له، وهو موافق لظاهر قوله تعالى:{وربائبكم اللاتي في حجوركم}[النساء: ٢٣]. ومذهب العلماء كافة سوى داود: أنها حرام، سواء كانت في حجره أم لا، قالوا: والتقييد إذا خرج على سبب لكونه الغالب لم يكن له مفهوم يعمل به، فلا يقتصر الحكم عليه، ونظيره قوله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم من إملاق}[الأنعام: ١٥١]. ومعلوم أنه يحرم قتلهم بغير ذلك أيضاً، لكن خرج التقييد بالإملاق لأنه الغالب وقوله تعالى:{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً}[النور: ٣٣]. ونظائره في القرآن كثيرة.