٣١٩١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد. فاشتد ذلك عليه. ورأيت الغضب في وجهه. قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة. قالت: فقال "انظرن إخوتكن من الرضاعة. فإنما الرضاعة من المجاعة".
-[المعنى العام]-
جعل الله الرضاعة من محرمات النكاح، بقوله:{وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}[النساء: ٢٣]. وأطلق القرآن الكريم، فلم يحدد عدد الرضعات المحرمة، ولا الزمن الذي يرضع فيه الرضيع رضاعاً محرماً، وجاءت السنة لتبين للناس ما نزل إليهم، نعم تروي عائشة -رضي الله عنها- أن عدد الرضعات كان قد حدد في القرآن الكريم بعشر رضعات كاملات معلومات، ثم نسخن بخمس رضعات معلومات كانت تقرأ في القرآن إلى قرب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نسخت قراءة الخمس أيضاً، وبقي حكمهن، كما روت هي وأم الفضل -زوجة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، العباس بن عبد المطلب- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحرم الرضعة والرضعتان.
وقد اختلف العلماء في مقدار اللبن المحرم، وعدد الرضعات المعتبرة للتحريم بين من يقول: يحرم قليل الرضاع وكثيره، ومن يقول: تحرم ثلاث رضعات، ومن يقول: أربع رضعات، ومن يقول خمس رضعات، ومن يقول: سبع رضعات، ومن يقول: عشر رضعات. ولكل قول وجهة نظر ودليل، وأوسط الأقوال: خمس رضعات معلومات.
أما سن الرضيع الذي يحرم الرضاع فيه فعائشة رضي الله عنها قد انفردت مع قلة من الفقهاء بأن رضاع الكبير يحرم كرضاع الصغير، معتمدين الأحاديث الخاصة بسالم مولى أبي حذيفة، واعتبارها عامة لكل كبير يرضع، وعامة العلماء على أن الرضاع المحرم ما كان في الصغر، وإن اختلفوا قليلاً في تحديد أشهر الصغر، فمنهم من اعتبر دون الحولين، تفسيراً لقوله تعالى:{والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}[البقرة: ٢٣٣]. وتفسيراً لقوله تعالى:{وحمله وفصاله ثلاثون شهراً}[الأحقاف: ١٥]. إذ أقل مدة الحمل ستة أشهر وأقصى مدة الرضاع أربعة وعشرون شهراً، ومنهم من اغتفر أياماً بعد السنتين، ومنهم من اغتفر شهراً. ومنهم من أوصل مدة الرضاع القصوى ثلاثين شهراً.