القافي، فحصل قلب بين الفاء وحرف العلة، يقال: قفا الأثر، ويقتاف الأثر قفوًا وقيافة. وجمع القائف القافة.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: اختلف العلماء في العمل بقول القائف، فنفاه أبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحق، وأثبته الشافعي وجماهير العلماء، والمشهور عن مالك إثباته في الإماء، ونفيه في الحرائر، وفي رواية عنه إثباته فيهما.
ودليل الشافعي حديث مجزز هذا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرح لكونه وجد في أمته من يميز أنسابها عند اشتباهها، ولو كانت القيافة باطلة لم يحصل بذلك سرور.
واتفق القائلون بالقائف على أنه يشترط فيه العدالة، واختلفوا في أنه هل يكتفي بواحد؟ والأصح عند أصحابنا الاكتفاء بواحد، وبه قال ابن القاسم المالكي، وقال مالك: يشترط اثنان، وبه قال بعض أصحابنا، وهذا الحديث يدل للاكتفاء بواحد.
واتفقوا على أنه يشترط أن يكون خبيرًا بهذا، مجربًا.
واتفق القائلون بالقائف على أنه إنما يكون فيما أشكل من وطأين محترمين، كالمشتري والبائع يطآن الجارية المبيعة في طهر، قبل الاستبراء من الأول، فتأتي بولد لستة أشهر فصاعدًا من وطء الثاني، ولدون أربع سنين من وطء الأول، وإذا رجعنا إلى القائف فألحقه بأحدهما لحق به، فإن أشكل عليه، أو نفاه عنهما ترك الولد حتى يبلغ، فينتسب إلى من يميل إليه منهما، وإن ألحقه بهما فمذهب عمر بن الخطاب ومالك والشافعي أنه يتركه يبلغ، فينتسب إلى من يميل إليه منهما.
وقال أبو الثور وسحنون: يكون ابنا لهما، وقال الماجشون ومحمد بن مسلمة المالكيان: يلحق بأكثرهما له شبها، قال ابن مسلمة: إلا أن يعلم الأول، فيلحق به.
واختلف النافون للقائف في الولد المتنازع فيه، فقال أبو حنيفة: يلحق بالرجلين المتنازعين فيه، ولو تنازع فيه امرأتان لحق بهما، وقال أبو يوسف ومحمد: يلحق بالرجلين، ولا يلحق إلا بامرأة واحدة، وقال إسحق: يقرع بينهما. اهـ.
والذي تستريح إليه النفس أن القائف يستأنس بقوله، ولا يحكم به، فإن حديث مجزز لا حكم بقوله، وكل ما حصل به استراحة النفس لدفع شبهة، لأن قوله هذا لمن يعتقد صحته من أهل الجاهلية سيخفف الإشاعة أو يقتلها، وهذا ما يرغبه الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للتشهير بأي مسلم، فضلا عن التشهير بالحبيب ابن الحبيب أسامة بن زيد رضي الله عنهما.