(فجاءت زينب) أي بنت جحش، بنت عمته أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج امرأة أخرى اسمها زينب بنت خزيمة، لكنها ماتت بعد شهرين من زواجها منه صلى الله عليه وسلم، فليست المرادة هنا.
(فقالت: هذه زينب) أي فقالت عائشة، كما هو معلوم من السياق، وإن كان فيه تشتيت للضمائر. وليس المقصود الإفادة بأنها زينب، بل المقصود لازم الفائدة، أي ليست عائشة صاحبة الليلة ومقدماتها.
(فتقاولتا) أي افتعلت كل منهما القول وتكلفته ودفعته نحو الأخرى، تتنازعان أحقية هذه اللمسة.
(حتى استخبتا) بالتاء المثناة المفتوحة ثم الخاء المفتوحة، ثم الباء المفتوحة، ثم تاء المؤنثة، يقال: استخب بالسين، من السخب، واصطخب من الصخب بمعنى، وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها. هكذا هو في معظم الأصول، وهو رواية الجمهور، وفي بعض النسخ "استخبثتا" أي قالتا الكلام الرديء الخبيث، وفي بعضها "استحيتا" من الاستحياء، وفي بعضها "استحثتا" أي حثت كل واحدة في وجه الأخرى التراب، وهذا بعيد، ولعله تصحيف.
(فيفعل بي ويفعل) حذف المفعول وتكرير الفعل للتهويل.
(أتصنعين هذا) الاستفهام إنكاري توبيخي، بمعنى لا ينبغي، والمشار إليه الصخب فالمعنى: لا ينبغي ولا يليق أن تحدثي صخبا في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[فقه الحديث]-
القسم والعدل بين الزوجات واجب على المسلمين. وفي وجوبه على النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، لكنه صلى الله عليه وسلم كان قائمًا به، بكل دقة.
قال النووي: مذهبنا أنه لا يلزمه أن يقسم لنسائه، بل له اجتنابهن كلهن، لكن يكره تعطيلهن مخافة من الفتنة عليهن، والإضرار بهن، فإن أراد القسم لم يجز له أن يبتدئ بواحدة منهن إلا بقرعة، ويجوز أن يقسم ليلة ليلة، وليلتين ليلتين، وثلاثًا ثلاثًا، ولا يجوز أقل من ليلة، ولا يجوز الزيادة على الثلاث إلا برضاهن. هذا هو الصحيح في مذهبنا، وفيه أوجه ضعيفة في هذه المسائل غير ما ذكرته.
واتفقوا على أنه يجوز أن يطوف عليهن كلهن، ويطأهن في الساعة الواحدة، برضاهن، ولا يجوز ذلك بغير رضاهن، وإذا قسم كان لها اليوم الذي بعد ليلتها، ويقسم للمريضة والحائض والنفساء لأنه يحصل لها الأنس به، ولأنه يستمتع بها بغير الوطء، من قبلة ونظر ولمس وغير ذلك.