معمر بن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح، وقيل: إن ليلى بنت الحكيم ممن وهبن أنفسهن، ومنهن زينب بنت خزيمة - جاء عن الشعبي وليس بثابت - وعن ابن عباس قال: التي وهبت نفسها ميمونة بنت الحارث. وهذا منقطع وإسناده ضعيف، ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس "لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له" أخرجه الطبري، وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له - وإن كان مباحًا له، لأنه راجع إلى إرادته، لقوله تعالى:{إن أراد النبي أن يستنكحها}[الأحزاب: ٥٠].
(وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ ) الكلام على الاستفهام الإنكاري التوبيخي والواو عاطفة على محذوف والتقدير أتخلع المرأة برقع الحياء؟ وتهب نفسها؟ لا ينبغي ولا يليق ذلك.
{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن}[الأحزاب: ٥١].
"ترجي" أي ترجئ وتؤخر "وترجئ" بالهمز قرئ به "من تشاء منهن" أي من نسائك أو من نساء الأمة، "وتؤوي إليك من تشاء" أي وتضم إليك من تشاء من نسائك، وتضاجعها، أو تطلق من تشاء منهن، وتمسك من تشاء، أو تقبل من تشاء من الواهبات، وترد من تشاء، واللفظ محتمل لكل الأقوال "ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك" أي ومن طلبتها ممن تجنبتها فلا إثم عليك "ذلك" أي تفويض الأمر إلى مشيئتك "أدنى" أي أقرب إلى {أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضون بما آتيتهن كلهن} أي أقرب إلى قرة عيونهن وسرورهن ورضاهن جميعًا، لأنه حكم، كلهن فيه سواء، إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلاً منك، وإن رجحت بعضهن علمن أنه بحكم الله تعالى، فتطمئن نفوسهن.
(واللَّه ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك) في الرواية الرابعة "إن ربك ليسارع لك في هواك".
و"أرى" بفتح الهمزة، معناه أعلم وأعتقد، أن ربك يخفف عنك، ويوسع عليك في الأمور، ولهذا خيرك، وفوض الأمر إلى مشيئتك.
(حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم بسرف)"ميمونة" بنت الحارث الهلالية أخت لبابة أم الفضل زوجة عمه العباس، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع من الهجرة، وكانت زوجة لأبي رهم، فتأيمت منه. وهي آخر من دخل بها من أزواجه صلى الله عليه وسلم، دخل بها في "سرف" بفتح السين، وكسر الراء بعدها فاء، وهو مكان يقرب من مكة، بينها وبينه ستة أميال، أي أكثر من عشرة كيلو مترات، أعدت لها قبة بسرف دخلت فيها، وكانت وفاتها سنة إحدى وستين - وكذا قال الواقدي، وكانت آخر زوجاته صلى الله عليه وسلم موتًا، ماتت بمكة، ويقال: إنها دفنت في موضع قبتها التي تزوجت فيها بسرف، بناء على وصيتها لابن عباس، ابن أختها رضي الله عنهم.
وفي ملحق الرواية الخامسة "قال عطاء: كانت آخرهن موتًا. ماتت بالمدينة" قال