للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إن المرأة كالضلع) بكسر الضاد، وفتح اللام وقد تسكن، وفي الكلام تشبيه، حذف منه وجه الشبه، أي هي كالضلع في الاعوجاج، فالمعنى المرأة معوجة الطباع والتصرفات بخلقتها وطبيعتها كما خلق الضلع معوجًا، لا يسهل تقويمهما.

وفي الرواية الثالثة "إن المرأة خلقت من ضلع" والكلام على التشبيه أيضًا، والأصل خلقت من طبيعة معوجة كالضلع، ففي الكلام استعارة، بحذف المشبه ووجه الشبه والأداة، واستعير لفظ المشبه به للمشبه، على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية، وقيل: أراد من هذه الرواية أول النساء "حواء" فقد أخرج ابن إسحق في "المبتدأ" عن ابن عباس "أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، وهو نائم قبل أن يدخل الجنة" أي فدخلاها سويًا، وقيل: في الجنة. وكذا أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من حديث مجاهد، قال الحافظ ابن حجر: وأغرب النووي فعزاه للفقهاء أو بعضهم. اهـ والحقيقة أن هذا القول مصدره بعض الآثار عن ابن عباس ومجاهد، وليس للفقهاء به صلة.

فلفظ الضلع على هذا على حقيقته، ويكون معنى خلقها من الضلع الحقيقي إخراجها منه عند أصل الخلقة كما تخرج النخلة من النواة، لكن يلزمه الإشارة إلى طبيعة النساء واعوجاجهن، وهو المقصود، فكأنه يقول: إن النساء في تصرفاتهن الاعوجاج لأن أصلهن حواء خلقت من عوج.

(وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) قيل: فيه إشارة إلى أن أعوج شيء في المرأة لسانها، وفيه إشارة إلى أنها خلقت من أشد أجزاء الضلع اعوجاجًا، مبالغة في إثبات هذه الصفة لها.

ولفظ "أعوج" صفة مشبهة، وليس أفعل تفضيل، لأن أفعل التفضيل لا يأتي من ألفاظ العيوب التي صفتها على وزن "أفعل" وقيل: هو أفعل تفضيل شذوذًا، أو محل المنع عند الالتباس بالصفة، فإذا تميز عنها بالقرينة فلا منع.

(إذا ذهبت تقيمها كسرتها) ضمير المؤنث للمرأة، بدليل قوله بعد "وإن تركتها استمتعت بها وفيها عوج" وبدليل قوله في الرواية الثالثة "وكسرها طلاقها".

وقيل: الضمير المؤنث في "إذا ذهبت تقيمها كسرتها" للضلع، وهي تذكر وتؤنث. وجملة "تقيمها" في موضع النصب على الحال، وفي الرواية الرابعة "إن ذهبت تقيمه كسرته" بتذكير الضمير، فهو عائد على الضلع.

(وإن تركتها) دون تقويم وكسر "استمتعت بها" وبالنواحي الحسنة فيها، "وفيها عوج".

(من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر) فعل "كان" لا دلالة له في الأصل على غير الوجود في الماضي، من غير دلالة على انقطاع أو دوام، وتستعمل للأزلية، كما في صفاته تعالى، وقد تستعمل للزوم الشيء، وعدم انفكاكه، نحو قوله تعالى {وكان الإنسان عجولا} [الإسراء: ١١].

والمراد بالإيمان الإيمان الكامل، فلا يفهم منه أن من لم يتكلم بخير لا يكون مؤمنًا. وذكر هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>