للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثامن: أن التخيير طلاق في حق الأمة، وفي حقه صلى الله عليه وسلم ليس بطلاق. فهو خصوصية.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

١ - من البدء في التخيير بعائشة ومن موقفها منه وموقفه صلى الله عليه وسلم يؤخذ فضل عائشة رضي الله عنها، لبداءته بها.

٢ - أن صغر السن مظنة لنقص الرأي. قال العلماء: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تستأمر أبويها خشية أن يحملها صغر سنها على اختيار الشق الآخر، لاحتمال أن يكون عندها من الملكة ما يدفع ذلك العارض، فإذا استشارت أبويها أوضحا لها ما في ذلك من المفسدة، وما في مقابله من المصلحة، ولهذا لما فطنت عائشة لذلك قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، ووقع في رواية في هذه القصة عن عائشة قالت: "وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثتي".

٣ - وفيه منقبة عظيمة لعائشة، وبيان كمال عقلها، وصحة رأيها مع صغر سنها، إذ أسرعت باختياره صلى الله عليه وسلم.

٤ - وأن الغيرة تحمل المرأة الكاملة الرأي والعقل على ارتكاب ما لا يليق بحالها، لسؤال عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخبر أحداً من أزواجه باختيارها له، فقد حملها على ذلك ما طبع عليه النساء من الغيرة، ومحبة الاستبداد، دون ضرائرها، وفهم البعض من السياق أنها أرادت أن يختار نساؤه الفراق.

٥ - أن حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة، وحرصه على إرضائها لم يكن على حساب واحدة من جاراتها، إذ لم يسعفها بما طلبت من ذلك، بل رد مطلبها في مواجهتها.

٦ - من موقف أمهات المؤمنين منقبة عظيمة لهن رضي الله عنهن.

٧ - المبادرة إلى الخير، وإيثار أمور الآخرة على الدنيا.

٨ - استدل بعضهم بقولها: "ثم فعل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت" على ضعف ما جاء أن من الأزواج حينئذ من اختارت الدنيا.

٩ - من أسباب الاعتزال يستفاد مدى ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه، وحلمه عنهن، وصبره على ما كان يصدر منهن من إدلال وغيرة، ففي الرواية الثامنة تحزبهن للمطالبة بالنفقة، وبما لا يقدر عليه، وقصة العسل أو مارية المذكورة في الباب السابق فيها من الاحتيال ما لا يحتمله زوج، وما جاء عند ابن سعد في سبب غضبه منهن وحلفه أن لا يدخل عليهن شهراً عن عائشة قالت: "أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فأرسل إلى كل امرأة من نسائه نصيبها، فلم ترض زينب بنت جحش بنصيبها، فزادها مرة أخرى، فلم ترض، فقالت عائشة: لقد أقمأت وجهك. ترد عليك الهدية؟ فقال: لأنتن أهون على الله من أن تقمئنني. "لا أدخل عليكن شهراً".

<<  <  ج: ص:  >  >>