شريك بن سحماء، وقد وصف هلال في الرواية الحادية عشرة بأنه "أبيض سبط قضيء العينين" ووصف شريك بأنه "أكحل جعد حمش الساقين" والسبط بكسر الباء وإسكانها مسترسل الشعر، ضد الأجعد، وأما "قضيء العينين""قضيء" على وزن فعيل، آخره همزة، وقضيء العينين فاسدهما بكثرة الدمع أو الحمرة أو غير ذلك.
أما شريك بن سحماء فقد وصف بالسواد لونًا، وبأنه "أكحل" أي أسود، أو جيد العينين، شديد سوادهما عكس هلال، يقال: كحلت العين بكسر الحاء، أي اسودت أجفانها خلفه، ووصف بأنه "جعد" أي مكسر الشعر غير مسترسله، ووصف بأنه "حمش الساقين" بفتح الحاء وسكون الميم بعدها شين، أي رقيقهما دقيقهما.
فبالمقارنة بين الرجلين يكون هلال أبيض وشريك أسود، وهلال ضعيف العينين وشريك جيد العينين، وهلال مسترسل الشعر ناعمه، وشريك أجعد الشعر خشنه، وهلال غليظ الساقين، وشريك رقيق الساقين. وشريك بن سحماء ليس أخًا البراء بن مالك لأمه، كما ذكرت الرواية الحادية عشرة، فإن أم البراء هي أم أنس بن مالك، وهي أم سليم، ولم تكن سحماء، ولا تسمى سحماء. قال الحافظ ابن حجر: فلعل شريكًا كان أخاه من الرضاعة، وقد وقع عند البيهقي "أن شريكًا كان يأوي إلى منزل هلال" وفي تفسير مقاتل: أن والدة شريك التي يقال لها سحماء كانت حبشية، وقيل: كانت يمانية، وعند الحاكم "كانت أمة سوداء". اهـ. والعجب أن يكون هلال بهذه الصفات من الحسن، وشريك بهذه الصفات من القبح، وتخون زوجة الجميل مع رجل قبيح.
أما عويمر فقد وصفته الرواية الثانية عشرة بأنه "مصفر، قليل اللحم، سبط الشعر" أي شديد الصفرة ونحيف الجسم ومسترسل الشعر، وأما الرجل المدعى عليه فوصفته الرواية نفسها بأنه "خدل" بفتح الخاء وإسكان الدال، أي ممتلئ الساقين، أو ممتلئ الأعضاء، أو غليظ العظم واللحم "آدم" أي يميل إلى السواد، "كثيرا اللحم" أي ممتلئ الجسم. ووصف في ملحقها بأنه "جعد قطط" والقطط تفلفل الشعر، وهو بفتح الطاء.
قال الحافظ ابن حجر: وعن ابن مردويه في مرسل ابن أبي ليلى "أن الرجل الذي رمى عويمر امرأته به هو شريك بن سحماء" وهو ابن عم عويمر، وعند ابن أبي حاتم "فقال الزوج لعاصم: يا ابن عم. أقسم بالله لقد رأيت شريك بن سحماء على بطنها، وإنها لحبلى، وما قربتها منذ أربعة أشهر" وعند الدارقطني "لا عن بين عويمر العجلاني وامرأته، فأنكر حملها الذي في بطنها، وقال: هو لابن سحماء" قال الحافظ: ولا يمتنع أن يتهم شريك بن سحماء بالمرأتين معًا. اهـ. لكن الأوصاف التي جاءت عن المتهم في قضية عويمر لا تتفق مع أوصاف شريك، فقد وصف بامتلاء الساقين وكثرة اللحم، ووصف شريك برقة الساقين.
(تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء) أي كانت تظهر الفاحشة وهي مسلمة، وهذا معنى قوله في الرواية الثالثة عشرة "تلك امرأة أعلنت" أي اشتهر وشاع عنها الفاحشة، ولكن لم تثبت عليها، لا بالبينة، ولا بالاعتراف.