قوله "بالكيل المسمى" هو مقابل البيع، أي الثمن، أي نهي عن بيع الصبرة من التمر بتمر مكيل معلوم.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: في هذه الأحاديث النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه البائع، واختلف العلماء في ذلك، قال الشافعي: لا يصح بيع المبيع قبل قبضه، سواء كان طعامًا، أو عقارًا، أو منقولاً، أو نقدًا، أو غيره. وقال عثمان البتي: يجوز في كل مبيع، وقال أبو حنيفة: لا يجوز في أي شيء إلا العقار [وما لا ينقل] وقال مالك: لا يجوز في الطعام، ويجوز فيما سواه، ووافقه كثيرون، وقال آخرون لا يجوز في المكيل والموزون، ويجوز فيما سواهما.
قال: أما مذهب عثمان البتي فحكاه المازري والقاضي، ولم يحكه الأكثرون، بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه. قالوا: وإنما الخلاف فيما سواه. فمذهب عثمان البتي شاذ متروك. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني: ومن اشترى ما يحتاج إلى القبض لم يجز بيعه حتى يقبضه، ولا أرى بين أهل العلم فيه خلافًا إلا ما حكي عن عثمان البتي، وأما غير ذلك فيجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين [أي عن أحمد] ونحوه قول مالك بن المنذر. اهـ.
وقال عطاء بن أبي رباح والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي في الجديد ومالك في رواية وأحمد في رواية وأبو ثور وداود: النهي الذي ورد في البيع قبل القبض قد وقع على الطعام وغيره، وهو مذهب ابن عباس أيضًا، ولكن أبا حنيفة قال: لا بأس ببيع الدور والأرضين قبل القبض، لأنها لا تنقل ولا تحول.
لكن الشافعي وموافقوه يقولون: إن قبض كل شيء بحسبه. فما يتناول باليد، كالدراهم والدنانير والثوب، فقبضه بالتناول والحيازة والنقل من يد البائع واختصاصه، وما لا ينقل كالعقار، والأرض، والثمر على الشجر، فقبضه بالتخلية، وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان، لا اختصاص للبائع به، وفيه قول أنه يكفي فيه التخلية.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - من الرواية الثالثة والحادية عشرة من قوله "فلا يبعه حتى يكتاله" فرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه، وبه قال الأوزاعي وإسحق، فالاستيفاء عندهم إنما يكون في مكيل أو موزون، ويساعدهم ما رواه أحمد عن ابن عمر مرفوعًا "من اشترى طعامًا بكيل أو وزن فلا يبعه حتى يقبضه" ورواه أبو داود والنسائي بلفظ "نهي أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه".
لكن الروايات الأولى والثانية والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والثانية عشرة