٣٥٢٦ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "كان رجل يداين الناس. فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه. لعل الله يتجاوز عنا. فلقي الله فتجاوز عنه".
٣٥٢٧ - عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريمًا له فتوارى عنه. ثم وجده. فقال: إني معسر. فقال: آلله؟ قال آلله. قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه".
-[المعنى العام]-
خلق الله الإنسان وفي طبعه الشح، وفي طبعه حب المال، وفي طبعه الحرص على ما يملك، وفي طبعه السعي لجمع ما لا يملك، وفي طبعه الأثرة، وليس الإيثار، كل ذلك يظهر في المعاملات المالية بين البشر، من بيع وشراء، ودين ووفاء، وإتلاف وضمان، وخصومات وقضاء، وكثيرًا ما تكون المعاملة بين قوي وضعيف، وغني وفقير، وعظيم وحقير، وسيد ومسود، فمن يحفظ الحق للضعيف؟ ليس إلا الإسلام، وتشريعات الإسلام، وحكام الإسلام، الذين قال أوائلهم: القوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه، والضعيف منكم قوي حتى آخذ الحق له.
أما التشريعات الواردة في هذه الأحاديث، والتي تعالج النزعات الإنسانية فهي السماحة والسهولة والتيسير وفيها يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:"رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" إذا أعطى ما عليه أعطى بسهولة من غير مطل ومن غير إجحاف، وإذا طلب ماله عند الغير طلب برفق، وأخذ ما تيسر، وأجل ما لم تيسر، ويتنازل عن بعض الحق إذا أمكن، ولا يضيق على معسر، ويقدر ظروف معامله، وملابسات التعامل، فإذا هلكت سلعة باعها وقبض ثمنها، وهي عنده تحملها، لأنه إن أكل ثمنها فقد أكل مال أخيه بدون مقابل وبغير حق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع صوت خصمين وهو في بيته، فخرج إليهما، فوجد مدينًا يستعطف الدائن أن يمهله، ودائنًا يحلف بالله أن لا يدعه ولا يتنازل عن شيء من حقه، فخرج صلى الله عليه وسلم يعنف الدائن على غلظته وقسوته،