للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تكليف قبل ورود الشرع، لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} [الإسراء: ١٥] والثاني: أن أصلها على التحريم، حتى يرد الشرع بغير ذلك. الثالث: أن أصلها على الإباحة، الرابع: التوقف. وهذا الخلاف في غير الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها، كالتنفس ونحوه، فإنها ليست محرمة بلا خلاف، إلا على قول من يجوز التكليف بما لا يطاق.

٢ - وفي هذا الحديث أيضًا بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم، لأنه صلى الله عليه وسلم نصحهم في تعجيل الانتفاع بها مادامت حلالاً.

٣ - ومن الرواية الثانية أن من ارتكب معصية جاهلاً تحريمها لا إثم عليه، ولا تعزير.

٤ - وفي قوله "بم ساررته"؟ دليل لجواز سؤال الإنسان عن بعض ما أسر به لآخر، فإن كان مما يجب كتمانه كتمه، وإلا ذكره.

٥ - وفي فتح المزادة، وتفريغها دليل للشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تكسر، ولا تشق، بل يراق ما فيها، وتغسل وينتفع بها، وعن مالك روايتان، إحداهما كالجمهور، والثانية يكسر الإناء، ويشق السقاء، قال النووي: وهذا ضعيف لا أصل له، أما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدنان فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم مبالغة، من غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

٦ - قال القاضي عن الرواية الخامسة: تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه، ولا يحل أكل ثمنه، كما في الشحوم المذكورة في الحديث. اهـ وخالف في ذلك بعضهم.

٧ - ومن الرواية السادسة، من قول عمر: "قاتل الله سمرة" أخذ بعضهم جواز لعن العاصي المعين. وهو غير مسلم إذ يحتمل أن عمر قالها لم يقصد معناها، كما يقولها العرب كثيرًا.

٨ - وفيه إقالة ذوي الهيئات زلاتهم، لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة. قال ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال: أحدها أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها لهم، وأخذ ثمنها كجزية، معتقدًا جواز ذلك وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجحه، وقال: كان ينبغي له أن يتركهم يبيعونها، ولا يدخل في المحظور، وإن أخذ منهم أثمانها بعد ذلك، لأنه حينئذ لا يكون قد تعاطى محرمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة، حيث قال "هو عليها صدقة، ولنا هدية" والثاني: قال الخطابي: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرًا، والعصير يسمى خمرًا، كما قد يسمى العنب به، لأنه يئول إليه، ثم قال الخطابي: ولا يظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها، وإنما باع العصير.

الثالث: أن يكون خلل الخمر وباعها، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها، كما هو قول أكثر العلماء، واعتقد سمرة الجواز، كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء.

وقد أبدى الإسماعيلي فيه احتمالاً آخر، وهو أن سمرة علم تحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر على ذمه، دون عقوبته، وهذا هو الظن به.

<<  <  ج: ص:  >  >>