ابن حجر عن مسلم بلفظ "كل ذلك لا أقول" وهكذا رواه البخاري. قال الحافظ: بنصب "كل" على أنه مفعول مقدم، وهو في المعنى نظير قوله عليه الصلاة والسلام في حديث ذي اليدين "كل ذلك لم يكن" فالمنفي هو المجموع، اهـ.
(وأما كتاب اللَّه فلا أعلمه) أي لا أعلم هذا الحكم فيه، فالضمير يعود على الحكم، وليس على "كتاب اللَّه".
-[فقه الحديث]-
أجمع المسلمون على تحريم الربا، وعلى أنه من الكبائر، وحكى الماوردي أنه كان محرمًا في جميع الشرائع.
والقرآن الكريم صريح في أن اليهود أكلوه وهو محرم عليهم، إذ يقول {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا * وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابًا أليمًا}[النساء: ١٦٠، ١٦١].
والأصل في تحريمه قوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا}[البقرة: ٢٧٥] وقوله تعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}[البقرة: ٢٧٥] وقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}[البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩].
وقوله صلى الله عليه وسلم "لعن الله آكل الربا وموكله ... " الحديث روايتنا الواحدة والثلاثون، والثانية والثلاثون.
وكان الربا في الجاهلية يوم نزلت هذه الآيات الزيادة في المال بزيادة الأجل، وكان أحدهم إذا حل أجل دينه، ولم يوفه الغريم أضعف له المال، وأضعف الأجل، ثم يفعل كذلك عند الأجل الآخر، وهو معنى قوله تعالى {لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة}[آل عمران: ١٣٠] فكان قوله تعالى {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم} مبينًا المراد من التحريم، وهو الزيادة مطلقًا على رأس المال، وجاءت السنة، فبينت وأضافت الأصناف الواردة في هذه الأحاديث على ما كان معهودًا من الربا.
والخلاف بين العلماء - بعد إجماعهم على تحريم ما نصت عليه السنة - في هل السنة مفسرة للمجمل؟ وكل ما جاءت به السنة من أحكام الربا بيان لمجمل القرآن؟ نقدًا، أو نسيئة؟ أم ما جاءت به السنة أحكام زائدة، مضافة إلى ما جاء به القرآن؟ ثم هل يقاس على ما جاءت به السنة ما في معناه؟ أو يلتزم فقط بما نصت عليه السنة؟ ثم هل التعامل بالربا حرام مع المحاربين وفي دار الحرب؟ أو حرمته خاصة بدار الإسلام ومع غير المحاربين؟ وسيأتي قريبًا تفصيل هذا الخلاف.
والعجيب أن بعض الجهلة المتحللين المغرضين يحاولون تحليل الربا بتغيير اسمه، ظنًا منهم أن