للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لبعيرك؟ قلت: عليل. قال: فتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزجره، ودعا له" وفي الرواية الرابعة "فنخسه" أي رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخلف بعد أن كان في محاذاة جابر، فزجر الجمل بنخسه، وفي رواية لمسلم سبقت "نخسه بشيء كان معه" وفي أخرى هناك "نخس بعيري بعنزة كانت معه" والعنزة بفتح العين والنون عصا في نحو نصف الرمح في أسفلها حديدة، وفي أخرى هناك أيضًا "فنزل فحجنه بمحجنة، ثم قال: اركب. فركبت" والمحجن بكسر الميم عصا في رأسها اعوجاج.

والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا يسير في مقدمة أصحابه، وأحيانًا يتوسطهم، وأحيانًا يتأخر إلى المؤخرة، ليساعد ضعيفهم، كما في هذه القضية، فلما تأخر عن القوم جاء جابرًا من خلفه، حتى حاذاه، فسأله عن سر تأخره، فشكا إليه جمله، فنزل صلى الله عليه وسلم عن جمله، ونزل جابر، فتأخر صلى الله عليه وسلم إلى الجمل من الخلف، وضربه ضربة خفيفة، كالنخس، فوثب الجمل، فدعا للجمل، ثم قال لجابر: اركب فركب وركب صلى الله عليه وسلم، وأخذ يؤنس جابرًا ويسأله عن حاله.

(فسار سيرًا لم يسر مثله) من الحسن والسرعة والنشاط. في الرواية الثانية "فما زال - أي البعير - بين يدي الإبل - أي أمامها - قدامها يسير" وفي الرواية الخامسة "فكنت بعد ذلك أحبس خطاه - أي أشد الحبل المربوط في رأسه وأنفه، وهو الزمام - لأسمع حديثه صلى الله عليه وسلم، فما أقدر عليه - فأسرع مرة وسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم" وفي رواية عند مسلم سبقت "فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل" وفي أخرى هناك "فلقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي أخرى هناك أيضًا "فجعل - الجمل - بعد ذلك يتقدم الناس، ينازعني، حتى إني لأكفه".

(قال: بعنيه بوقية. قلت: لا ثم قال: بعنيه. فبعته بوقية) وفي الرواية الثانية "قال: أفتبيعنيه؟ فاستحييت، ولم يكن لنا ناضح غيره" وفي الرواية الثالثة "بعني جملك هذا. قال: قلت: بل هو لك. قال: لا. بل بعنيه. قال: قلت: لا. بل هو لك يا رسول الله. قال: لا. بل بعنيه. قال: قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها" وفي الرواية الخامسة "فقال: بعنيه. فبعته منه بخمس أواق" وفي الرواية السابعة "اشترى مني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرًا بوقيتين ودرهم أو درهمين" وفي الرواية التاسعة "أخذت جملك بأربعة دنانير" وفي رواية "أحسبه بأربع أواق" زادها البخاري وزاد "بثمانمائة درهم" وفي رواية "بعشرين دينارًا" والظاهر أن جابرًا رفض البيع أولاً، لأنه لم يكن لهم ناضح سواه، ولذلك لامه خاله عندما قابله في المدينة، كما في الرواية الثانية، ثم لما أعاد صلى الله عليه وسلم الطلب قال: هو لك بدون ثمن، فلما أصر صلى الله عليه وسلم قال له جابر: إنه مدين بأوقية من الذهب لرجل، وأنه يبيع بهذه الأوقية، فالرسول صلى الله عليه وسلم عرض الثمن أولاً، وقبل جابر وأعلنه أخيرًا.

أما اختلاف الروايات في الثمن، فعنه يقول النووي: وسبب اختلاف هذه الروايات أنهم رووا بالمعنى، وهو جائز، فالمراد وقية ذهب، كما فسر في الرواية الثالثة، ويحمل عليه رواية من روى "أوقية" مطلقًا، وأما من روى "خمس أواق" فالمراد خمس أواق من الفضة، وهي بقدر قيمة أوقية الذهب في ذلك الوقت، فيكون الإخبار بأوقية الذهب عما وقع به العقد، وعن أواق الفضة عما حصل به الإيفاء [وهذا غير مسلم، فالإيفاء تم بأوقية ذهب، كما هو صريح الرواية الثالثة] ويحتمل أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>