للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذي كان بهم فهو الهزال الشديد من الجوع والجهد، ففي رواية "كان بهم هزال شديد" وفي رواية "مصفرة ألوانهم" وفي رواية أنهم أقاموا في الصفة.

(وسقمت أجسامهم) أي بعد أن صحت أجسامهم من الهزال، أصابهم مرض، كان قد انتشر بالمدينة، ففي الرواية الخامسة "وقد وقع بالمدينة الموم" بضم الميم وسكون الواو "وهو البرسام" بكسر الباء وسكون الراء، سرياني معرب، أطلق على اختلال العقل، وعلى ورم الرأس، وعلى ورم الصدر، والمراد منه هنا ورم الصدر، ففي رواية "فعظمت بطونهم".

(فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها؟ ففعلوا، وصحوا) بفتح الصاد وتشديد الحاء المضمومة، وكان هذا العرض من النبي صلى الله عليه وسلم بناء على شكواهم من الإقامة في المدينة وطلبهم الخروج إلى البادية، ففي الرواية الثانية "فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله، فتصيبون من أبوالها وألبانها؟ فقالوا: بلى. فخرجوا، فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحوا" وفي رواية عند أبي عوانة، أنهم بدءوا بطلب الخروج إلى اللقاح -ولعلهم بيتوا نية الشر- "فقالوا: يا رسول الله، قد وقع بنا هذا الوجع، فلو أذنت لنا، فخرجنا إلى الإبل؟ وفي رواية للبخاري أنهم طلبوا لبنًا كثيرًا "فقال لهم: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود" وفي الرواية الثالثة "فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلقاح" واللقاح بكسر اللام هي النوق ذوات الألبان، واحدها لقحة بكسر اللام وسكون القاف، أي أمر لهم، وأذن لهم بشرب لبن اللقاح، وفي الرواية الأولى "أن تخرجوا إلى إبل الصدقة" وفي الرواية الثانية "ألا تخرجون مع راعينا في إبله ... " وفي رواية البخاري "ألا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال الحافظ ابن حجر: والجمع بينهما أن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة، وصادف بعث النبي صلى الله عليه وسلم بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء النفر الخروج إلى الصحراء، لشرب ألبان الإبل، فأمرهم أن يخرجوا مع راعيه، فخرجوا معه إلى إبل الصدقة. وذكر ابن سعد أن عدد لقاحه صلى الله عليه وسلم كانت خمس عشرة، وأنهم نحروا منها واحدة.

(ثم مالوا على الرعاء، فقتلوهم) في الرواية الثانية "فقتلوا الراعي" وفي رواية "فقتلوا أحد الراعيين، وجاء الآخر، قد جزع، فقال: قد قتلوا صاحبي، وذهبوا بالإبل" ولم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان اسمه يسار - بفتح الياء والسين المخففة، كان غلامًا للنبي صلى الله عليه وسلم، فرآه يحسن الصلاة فأعتقه، وبعثه في لقاح له، قال الحافظ ابن حجر: فيحتمل أن إبل الصدقة كان لها رعاة، فقتل بعضهم مع راعي لقاح النبي صلى الله عليه وسلم، فاقتصر بعض الرواة على راعي النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر بعضهم معه غيره، ويحتمل أن يكون بعض الرواة ذكر الحديث بالمعنى، فتجوز في الإتيان بصيغة الجمع، وهذا أرجح، لأن أصحاب المغازي لم يذكر أحد منهم أنهم قتلوا غير يسار. اهـ وفي بعض النسخ "الرعاة" بضم الراء وبالتاء، وهما لغتان.

<<  <  ج: ص:  >  >>