أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابًا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين * من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا} [المائدة: ٢٧ وما بعدها] ومن أجل ذلك كان على ابن آدم القاتل لأخيه نصيب من ذنب كل من يقتل مسلمًا، فهو الذي سن القتل وابتدعه في بني آدم ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وجاءت الشرائع السماوية كلها، شريعة بعد شريعة، تعظم إراقة دماء البشر، وتحذر من اعتداء الإنسان على أخيه الإنسان، وتغلظ حرمة الدماء والأموال والأعراض، وكم حذر رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وكم أنذر، فقال: إن أول خصمين يوم القيامة، يقفان في ساحة القضاء، بين يدي أحكم الحاكمين، قاتل ومقتول، قاتل يقف مكتوف اليدين مغلولهما، مقيد الرجلين، في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا، مطرق الرأس ذليلاً، ومقتول يحمل بين يديه رأسه، يسيل الدم ويتدفق من عروقه وأوداجه، يقول المقتول رب: سل هذا القاتل. فيم قتلني؟ منظر رهيب، وقضاء عادل، يوم يقتص للشاة من شاة كانت نطحتها في الدنيا.
كم حذر صلى الله عليه وسلم من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وكم حذر القرآن الكريم، حتى كانت الوصية الأخيرة التي قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، في حجة الوداع، فكان فيها: أيها الناس. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، يوم النحر، في شهركم هذا الذي حرمه الله، في بلدكم هذه التي حرمها ربكم. هذا بلاغي عن ربي لكم، فبلغوه لمن وراءكم. ألا هل بلغت. اللهم فاشهد أنني قد بلغت. فسلام الله عليك يا رسول الله نشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة، ونصحت الأمة وكشفت الغمة، وعبدت ربك حتى أتاك اليقين.
فصلى الله وسلم وبارك عليك وعلى آلك وأصحابك ومن اتبع هداك إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
(لا يحل دم امرئ مسلم) وفي الرواية الثانية "لا يحل دم رجل مسلم" والمراد لا يحل إراقة دم امرئ مسلم أي إراقة دمه كله، وهو كناية عن قتله.
(يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه) هذه صفة ثانية، ذكرت لبيان أن المراد بالمسلم هو الآتي بالشهادتين أو حال مقيدة للموصوف، إشعارًا بأن الشهادة هي العمدة في حقن الدماء، ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة "كيف تصنع بلا إله إلا الله"؟ فهي صفة مفسرة لقوله "مسلم" وليست قيدًا فيه، إذ لا يكون مسلمًا إلا بذلك.
(إلا بإحدى ثلاث) استثناء من عموم الأحوال، أي لا يحل دم امرئ مسلم في حال من الأحوال