(ألا ليبلغ الشاهد الغائب) المراد من "الشاهد" الحاضر السامع.
(لما كان ذلك اليوم) أي يوم حجة الوداع، وفي منى.
(قعد على بعيره) الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم يسبق له ذكر، للعلم به، كقوله تعالى {حتى توارت بالحجاب} [ص: ٣٢].
(وأخذ إنسان بخطامه) أي خطام البعير، وهو بكسر الخاء الزمام، وهو الحبل الذي يوضع على أنف البعير ليقاد به. والقصد هنا من إمساكه والأخذ به، منعه من الحركة والاضطراب.
(ثم انكفأ إلى كبشين أملحين) "انكفأ" بهمز في آخره، أي انقلب، والأملح هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر.
(وإلى جزيعة من الغنم، فقسمها بيننا) "الجزيعة" بضم الجيم وفتح الزاي، ورواه بعضهم بفتح الجيم وكسر الزاي، وكلاهما صحيح، والأول هو المشهور، وهي القطعة من الغنم، وأصلها القليل من الشيء وكأنه قسم مجموعة قليلة من الشياه على أصحابه الذين لا يملكون ذبائح، ليذبحوها.
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث]-
١ - تغليظ حرمة الدماء، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة، المترتبة عليه، وتفويت المصلحة الناتج عنه، وإراقة دم الإنسان غاية في ذلك.
٢ - وفي قوله "الثيب الزاني" دليل على قتل الزاني المحصن بالرجم، قال النووي: وهذا بإجماع المسلمين.
٣ - وبقوله "النفس بالنفس" استدل أصحاب أبي حنيفة على قتل المسلم بالذمي، والحر بالعبد، وجمهور العلماء - مالك والشافعي والليث وأحمد - على خلافه.
٤ - استدل بقوله "التارك لدينه" على أن الردة عن الإسلام سبب لإباحة دم المسلم، وهو محل إجماع في الرجل، أما في المرأة ففيها خلاف.
٥ - استدل بهذا الحديث الجمهور على أن المرأة في الردة حكمها حكم الرجل، لاستواء حكمهما في الزنا، وتعقب بأنها دلالة اقتران، وهي ضعيفة.
٦ - استدل بقوله "المفارق للجماعة" على إباحة دم المخالف والخارج على الإجماع، فيكون متمسكًا لمن يقول: مخالف الإجماع كافر، قال ابن دقيق العيد: وقد نسب ذلك إلى بعض الناس. قال: وليس ذلك بالهين، فإن المسائل الإجماعية، تارة يصحبها التواتر بالنقل عن صاحب الشرع،