المقاتلة المحرمة، وإنما ذكرت هنا للتعريض والتخويف، وليس المراد بهذه العبارة ولي المقتول إذا اقتص من القاتل، لأنه إنما أخذه ليقتله، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في فقه الحديث توضيحه ونظائره.
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث]-
١ - أن الإقرار بالقتل مقبول، ويعمل به، بل الحكم بالإقرار حكم يقيني، والحكم بالبينة ظني. قاله النووي.
٢ - جواز سؤال المدعى عليه، قبل مطالبة المدعي بالبينة، فلعل المدعى عليه يقر، فيستغني المدعي والقاضي عن التعب في إحضار الشهود وتعديلهم.
٣ - الإغلاظ على الجناة، وربطهم، واقتيادهم، وإحضارهم إلى ولي الأمر. إذ أقر الرسول صلى الله عليه وسلم ربط القاتل، وسلم حبله لولي القتيل.
٤ - وفيه سؤال الحاكم وغيره، ولي الدم العفو عن الجاني.
٥ - وجواز العفو بعد بلوغ الأمر إلى الحاكم.
٦ - وجواز أخذ الدية في قتل العمد، لقوله صلى الله عليه وسلم في تمام الحديث "هل لك من شيء تؤديه عن نفسك"؟ وأن ولي المقتول بخير النظرين: إما أن يقتص، وإما أن يأخذ الدية.
٧ - قال بعض العلماء: فيه أنه يستحب للمفتي - ذا رأى مصلحة في التعريض للمستفتي أن يعرض تعريضًا يحصل به المقصود، مع أنه صادق فيه، قالوا: ومثاله أن يسأله إنسان عن القاتل، هل له توبة؟ ويظهر للمفتي - بقرينة - أنه إن أفتى بأن له توبة، ترتب عليه مفسدة، كأن يستهون القتل، لكونه يجد منه بعد ذلك مخرجًا بالتوبة، فيقول المفتي في هذه الحالة: صح عن ابن عباس أنه قال: لا توبة لقاتل. فهو صادق في أنه صح عن ابن عباس، وإن كان المفتي لا يعتقد ذلك، ولا يوافق ابن عباس في هذه المسألة، لكن السائل إنما يفهم منه أنه يوافق ابن عباس، وكمن يسأل عن الغيبة في الصوم، هل يفطر بها الصائم؟ فيقول: جاء في الحديث" الغيبة تفطر الصائم" قاله النووي. وحاصله استخدام المعاريض، والتورية في الفتوى للمصلحة، وفي التعاريض مندوحة عن الكذب.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم هذا الأسلوب في هذا الحديث في موضعين. الأول: في قوله "إن قتله فهو مثله" فهو صادق في هذا القول حسب مراده الذي شرحناه في المباحث العربية، لكنه يوهم ولي المقتول معنى آخر، قد يؤدي إلى خوفه، وعفوه عن القاتل وهو الذي حصل، والعفو مصلحة للولي، وللمقتول في دينهما، وفيه مصلحة للجاني، وهو إنقاذه من القتل، فلما كان العفو مصلحة توصل إليه بالتعريض.