ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أتشفع في حد من حدود الله؟ " فقال له أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال "أما بعد فإنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها. قال يونس: قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٣٨٨١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها، فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها. ثم ذكر نحو حديث الليث ويونس.
٣٨٨٢ - عن جابر رضي الله عنه أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "والله لو كانت فاطمة لقطعت يدها" فقطعت.
-[المعنى العام]-
كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه. فصان الله الدماء بتشريع القصاص والديات، قال تعالى {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب}[البقرة: ١٧٩] وصان الأموال بتشريع حد السرقة، قال تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله}[المائدة: ٣٨] وصان الأعراض بتشريع حد الزنا وحد القذف.
إنها عقوبات رادعة مخيفة، قد يظنها البعض قاسية، ولكن الشاعر يقول:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازمًا ... فليقس أحيانًا على من يرحمه
إن النفوس الشريرة، الأمارة بالسوء، والمدعومة من إبليس وجنوده تحتاج إلى ما يلقي في قلوبها الرعب، حتى تحجم عن الدخول في مسالك الفساد في الأرض، وعن ترويع الناس على ممتلكاتهم.
وإن أهم ما يروع المسلم يد السارق، فهي التي تمتد خفية إلى ماله، وتسلبه ثمرة جهده، وحصيلة