الظاهر: لا يشترط نصاب أصلاً، بل يقطع في القليل والكثير تافها كان، أو غير تافه، وبه قال ابن بنت الشافعي من أصحابنا، وحكاه القاضي عياض عن الحسن البصري والخوارج، واحتجوا بعموم قوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: ٣٨] ولم يخصوا الآية. وقال جماهير العلماء: لا تقطع إلا في نصاب، لهذه الأحاديث. اهـ.
ثم اختلفوا في النصاب على مذاهب، قاربت العشرين مذهبًا. ذكرها الحافظ ابن حجر، نقتطف منها:
١ - أن القطع لا يجب إلا في أربعين درهمًا، أو أربعة دنانير. نقله القاضي عياض ومن تبعه عن إبراهيم النخعي. وهذا القول يقابل عدم اشتراط النصاب، في شذوذ كل منهما.
٢ - أن القطع لا يشترط فيه نصاب، إلا أنه لا يقطع في الشيء التافه، كتمرة، لحديث "لم يكن القطع في شيء من التافه" ولأن عثمان رضي الله عنه قطع في فخارة، وقال لمن يسرق السياط: لئن عدتم لأقطعن فيه، وقطع ابن الزبير في نعلين، وعن عمر بن عبد العزيز أنه قطع في مد أو مدين.
٣ - تقطع اليد في درهم فصاعدًا، وهو قول عثمان البتي - بفتح الباء وتشديد التاء - من فقهاء البصرة وربيعة من فقهاء المدينة.
٤ - تقطع اليد في درهمين، فصاعدًا. وهو قول الحسن البصري.
٥ - تقطع اليد إذا زاد المسروق عن درهمين، ولو لم يبلغ الثلاثة. وسنده عن أنس رضي الله عنه قال: قطع أبو بكر في شيء ما يساوي ثلاثة دراهم" أخرجه ابن أبي شيبة بسند قوي.
٦ - تقطع اليد في ثلاثة دراهم، ويقوم ما عداها بها، ولو كان ذهبًا، وهي رواية عن أحمد، وحكاه الخطابي عن مالك.
٧ - تقطع اليد في ثلاثة دراهم، ويقوم ما عداها بها، إلا إن كان المسروق ذهبًا، فنصابه ربع دينار، وهذا قول مالك، المعروف عند أتباعه، وهو رواية عن أحمد.
٨ - تقطع اليد في ثلاثة دراهم، أو ربع دينار ذهبًا، فإن كان المسروق غيرهما قطع به إذا بلغت قيمته أحدهما، وهو المشهور عن أحمد، ورواية عن إسحق.
٩ - تقطع اليد في ثلاثة دراهم، أو ربع دينار ذهبًا، فإن كان المسروق غيرهما قطع به إذا بلغت قيمته الغالب منهما الكثير في الاستعمال عرفًا. وهو قول جماعة من المالكية.
١٠ - تقطع اليد في ربع دينار، أو ما يبلغ قيمته ربع دينار، ولو كان دراهم كثيرة، فالمعتبر الذهب وقيمته، وهو مذهب الشافعي، وهو قول عائشة وعمرة وأبي بكر بن حزم وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والليث ورواية عن إسحاق وعن داود، ونقله الخطابي وغيره عن عمر وعثمان وعلي.
١١ - يقطع في أربعة دراهم، نقله القاضي عياض عن بعض الصحابة، ونقله ابن المنذر عن أبي هريرة وأبي سعيد.