للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضها "فشدت" بالدال بدل الكاف، وهما بمعنى، يقال: شك عليه الثوب، بالبناء للمجهول، أي جمع واتصل ولصق بعضه ببعض.

(أنشدك الله) بفتح الهمزة وضم الشين بينهما نون ساكنة، أي أسألك رافعًا نشيدي - وهو صوتي - إلى الله. هذا أصل استعماله، لكنه كثر استعماله من غير رفع صوت، على معنى أسألك بالله، ثم استعمل في كل مطلوب مؤكد، ولو لم يقصد استحلاف.

(إلا قضيت لي بكتاب الله) أي بما تضمنه كتاب الله، فالمراد من كتاب الله القرآن، وقيل: المراد من كتاب الله حكم الله الذي حكمه به، وكتبه على عباده، ولعل الأعرابي قصد الإشارة إلى آية الرجم المنسوخة، أو آية {أو يجعل الله لهن سبيلا} أو آية الجلد {فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} أو آيات النهي عن أكل أموال الناس بالباطل، لأن خصمه كان قد أخذ منه الغنم والوليدة، أو قصد العدالة مطلقًا في جميع أركان الحادثة، وكأنه قال: لا أسألك، ولا أطلب منك إلا الحق، ولم يتوهم الأعرابي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يحكم بغير الحق، وبغير كتاب الله، حتى يقال: لم سأل هذا السؤال، ولكنه قصد الإعلان بذلك عن قبوله ورضاه لما يصدر من الأحكام.

(فقال الخصم الآخر، وهو أفقه منه: نعم. فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي) أن أقص عليك القضية. جملة "وهو أفقه منه" معترضة بين القول والمقول، والمراد إما إعلان الراوي أن الثاني أكثر فقهًا من الأول بصفة عامة، عن طريق معرفته بهما قبل أن يتحاكما، فلا دخل لها فيما تكلما، وإما إعلان أن الثاني أعلم بتفاصيل القضية وحسن عرضها من الأول، وإما لأدبه واستئذانه في الكلام، وحذره من الوقوع في التقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(إن ابني كان عسيفًا على هذا، فزنى بامرأته) في رواية البخاري "إن ابني هذا" مما يفيد أن الابن كان حاضرًا، والإشارة في "كان عسيفًا على هذا" لخصم المتكلم، وهو زوج المرأة، والعسيف الأجير، وجمعه عسفاء، كأجير وأجراء، وفقيه وفقهاء، ويطلق أيضًا على الخادم وعلى العبد، وسمي الأجير عسيفًا، لأن المستأجر يعسفه في العمل، والعسف الجور، أو العسيف الراعي والقائم على الشيء، يقال: هو يعسف ضيعتهم، أي يرعاها ويقوم عليها، و"على" بمعنى "عند" وفي النسائي "كان ابني أجيرًا لامرأته" وفي رواية "كان ابني عسيفًا في أهل هذا" وكأن الرجل استخدمه فيما تحتاج إليه امرأته من الأمور، فكان ذلك سببًا لما وقع له معها.

(وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة) أي وجارية مملوكة، وفي رواية للبخاري "بمائة شاة وخادم" وفي رواية "بمائة شاة وجارية لي" ولم يبين في الروايات من الذي أفتاه بذلك، فهنا "أخبرت" بالبناء للمجهول. وفي رواية "فقالوا لي: على ابنك الرجم" وفي رواية "فأخبروني أن على ابني الرجم" أي فظن أن هذا حق لخصمه، يصح أن يتنازل عنه على مال يأخذه، فاتفق مع خصمه على هذا الفداء، وسلمه إياه.

(فسألت أهل العلم، فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>