٢١ - وفي تفويض أنيس وأمره للصحابة برجم ماعز، جواز تفويض الإمام إقامة الحد لغيره.
٢٢ - ومن قوله في الرواية الثامنة "فما أوثقناه، ولا حفرنا له" قال النووي: هكذا الحكم عند الفقهاء في الإيثاق، أما الحفر للمرجوم والمرجومة ففيه مذاهب للعلماء، قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم: لا يحفر لواحد منهما، وقال قتادة وأبو ثور وأبو يوسف، وأبو حنيفة في رواية: يحفر لهما، وقال بعض المالكية: يحفر لمن يرجم بالبينة، لا من يرجم بالإقرار، أما أصحابنا فقالوا: لا يحفر للرجل، سواء ثبت زناه بالبينة أم بالإقرار. وأما المرأة ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا:
أحدها: يستحب الحفر لها إلى صدرها، ليكون أستر لها، والثاني: لا يستحب ولا يكره. بل هو إلى خبرة الإمام. والثالث: وهو الأصح إن ثبت زناها بالبينة استحب، وإن ثبت بالإقرار فلا، ليمكنها الهرب إن رجعت.
فمن قال بالحفر لها احتج بأنه حفر للغامدية، ففي الرواية العاشرة "ثم أمر بها، فحفر لها إلى صدرها" وكذا لماعز في الرواية العاشرة "فلما كان الرابعة حفر له حفرة" ويجيب هؤلاء عن الرواية الأخرى في ماعز "أنه لم يحفر له" أن المراد لم يحفر له حفرة عظيمة عميقة، وإنما حفر له حفيرة، تمكن من تسلقها والهرب. وأما من قال: لا يحفر، فاحتج برواية "فما أوثقناه ولا حفرنا له" قال النووي: وهذا المذهب ضعيف، لأنه منابذ لحديث الغامدية، ولرواية الحفر لماعز، وأما من قال بالتخيير فظاهر، وأما من فرق بين الرجل والمرأة، فيحمل رواية الحفر لماعز على أنه لبيان الجواز، وهذا تأويل ضعيف، ومما احتج به من ترك الحفر حديث اليهوديين. اهـ روايتنا الثالثة عشرة.
٢٣ - ومن شم رائحة الخمر أخذ أصحاب مالك وجمهور الحجازيين أنه يحد -حد الخمر- من وجد منه ريح الخمر، وإن لم تقم عليه بينة بشربها، وإن لم يقر بالشرب، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما أنه لا يحد بمجرد ريحها، بل لا بد من بينة على شرابه، أو إقراره، وليس في هذا الحديث دلالة لأصحاب مالك، فالسؤال هنا عن شربه الخمر، وشم رائحته، لا لإقامة حد الخمر بالرائحة، ولكن لإيجاد شبهة في إقراره بالزنا، ليدرأ عنه الحد.
٢٤ - وعن قوله في الرواية الرابعة "فرجمناه بالمصلى" قال البخاري وغيره من العلماء: فيه دليل على أن مصلى الجنائز والأعياد، إذا لم يكن قد وقف مسجدًا، لا يثبت له حكم المسجد، إذ لو كان له حكم المسجد لتجنب الرجم فيه، خشية تلطخه بالدماء والميتة. وذكر الدارمي -وهو من الشافعية- أن المصلى الذي للعيد ولغيره -إذا لم يكن مسجدًا- هل يثبت له حكم المسجد؟ فيه وجهان، أصحهما: ليس له حكم المسجد.
٢٥ - وعن قوله "فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة، فرجمناه" قال النووي: اختلف العلماء في المحصن إذا أقر بالزنا، فشرعوا في رجمه، ثم هرب، هل يترك؟ أم