للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجه الشافعية، وفي آخر: يستثنى حد الشرب. وحجة الجمهور حديث علي رضي الله عنه روايتنا الواحدة والعشرين، واحتج ابن العربي لقول مالك في الأمة المتزوجة بأن للزوج تعلقًا بالفرج في حفظه عن النسب الباطل والماء الفاسد، فكان الأمر إليه، ورد هذا بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى أن يتبع، وفيه "من أحصن منهم، ومن لم يحصن".

٧٠ - في قوله "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فيجلدها الحد" غير مقيد بالإحصان، أنه لا أثر للإحصان، وأن موجب الحد في الأمة مطلق الزنا، ومعنى "فليجلدها الحد" أي الحد اللائق بها المبين في الآية، وهو نصف ما على الحرة، ففيه دليل على أن العبد والأمة لا يرجمان، سواء كانا مزوجين، أم لا.

٧١ - ومن قوله "ولا يثرب عليها" أنه لا يوبخ الزاني، بل يقام عليه الحد فقط، قاله النووي.

٧٢ - وأن الزاني إذا حد، ثم زنى ثانيًا يلزمه حد آخر فإن زنى ثالثة لزمه حد آخر، فإن حد، ثم زنى لزمه حد آخر، وهكذا أبدًا، فأما إذا زنى مرات، ولم يحد لواحدة منهن، فيكفيه حد واحد للجميع.

٧٣ - أخذ بعضهم من قوله "ثم إن زنت الثالثة، فتبين زناها، فليبعها" وفي رواية "البيع بعد الرابعة" أن محصل الاختلاف هل يجلدها في الرابعة قبل البيع؟ أو يبيعها بلا جلد؟ والراجح الأول.

٧٤ - وفي الحديث أن الزنا عيب، يرد به الرقيق، للأمر بالحط من قيمة المرقوق إذا وجد منه الزنا.

٧٥ - وفيه جواز عطف الأمر المقتضي للندب على الأمر المقتضي للوجوب، لأن الأمر بالجلد واجب، والأمر بالبيع مندوب عند الجمهور، خلافًا لأبي ثور وأهل الظاهر، وادعى بعض الشافعية أن سبب صرف الأمر عن الوجوب أنه منسوخ. قال ابن بطال: حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحض على مساعدة من تكرر منه الزنا، لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك، ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، وحمله بعضهم على الوجوب، ولا سلف له من الأمة، فلا يستقل به. وقد ثبت النهي عن إضاعة المال، فكيف يجب بيع الأمة ذات القيمة، بحبل من شعر، لا قيمة له. فدل على أن المراد الزجر عن معاشرة من تكرر منه ذلك.

٧٦ - وفيه جواز بيع الشيء النفيس بثمن حقير، قال النووي: وهذا مجمع عليه، إذا كان البائع عالمًا به، فإن كان جاهلاً، فكذلك عندنا وعند الجمهور، ولأصحاب مالك فيه خلاف.

٧٧ - أخذ من الحديث بعضهم أن يلزم السيد عند بيع الأمة أن يبين حالها للمشتري، لأنه عيب، والإخبار بالعيب واجب. قال النووي: فإن قيل: كيف يكره شيئًا ويرتضيه لأخيه المسلم؟ فالجواب لعلها تستعف عند المشتري، بأن يعفها بنفسه، أو يصونها بهيبته، أو بالإحسان إليها، والتوسعة عليها، أو يزوجها، فالسبب الذي باعها لأجله، غير محقق الوقوع عند المشتري، وكثيرًا ما يتغير الحال بتغير المحل.

٧٨ - ومن الرواية الواحدة والعشرين أن النفساء والمريضة ونحوهما يؤخر جلدهما إلى البرء.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>