(العجماء جرحها جبار)"العجماء" بفتح العين وسكون الجيم وبالمد، تأنيث أعجم، وهي البهيمة، ويقال أيضًا لكل حيوان غير الإنسان، ويقال لمن لا يفصح، والمراد هنا الأول. قيل: سميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم.
و"جرحها" بفتح الجيم لا غير، كما نقله في النهاية عن الأزهري، والمراد بجرحها ما يحصل منها من الإتلاف، فليس الحكم قاصرًا على الجراحة، بل كل الإتلافات ملحقة بها، وإنما عبر بالجرح لأنه الأغلب، أو هو مثال، نبه به على ما عداه، والحكم على جميع الإتلافات بها سواء كان على نفس أو مال.
وفي رواية للبخاري "العجماء عقلها جبار" والمراد بالعقل الدية، أي لا دية فيما تتلفه، وفي رواية عند أحمد والبزار "السائمة جبار" وفيها إشعار بأن المراد بالعجماء البهيمة التي ترعى في كلأ مباح ولا تعلف، كما في الزكاة، لكنه ليس مقصودًا هنا.
ومعنى "جبار" بضم الجيم، أي هدر، لا غرامة فيه، ولا ضمان.
(والبئر جبار) وفي الرواية الثانية "البئر جرحها جبار" والمراد بجرحها إتلافها كما سبق، والبئر بكسر الباء وسكون الهمزة، ويجوز تسهيلها إلى الياء، وهي مؤنثة، ويجوز تذكيرها على معنى القليب والطوي، والجمع أبؤر، وآبار.
(والمعدن جبار) معناه أن الرجل يحفر معدنًا في ملكه أو في موات، وفي الرواية الثانية "والمعدن جرحه جبار" والمراد الحفر التي تحفر في المعادن كالحديد والنحاس والذهب والفضة والرصاص، لقطعها واستخراجها.
(وفي الركاز الخمس)"الركاز" بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاي، المال المدفون، مأخوذ من الركز بفتح الراء، يقال: ركزه ركزًا، إذا دفنه، فهو مركوز، وفي المراد منه هنا خلاف يأتي في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
قال النووي:"العجماء جرحها جبار" محمول على ما إذا أتلفت شيئًا بالنهار أو بالليل، بغير تفريط من مالكها، أو أتلفت شيئًا وليس معها أحد، فهذا غير مضمون، وهو مراد الحديث، فأما إذا كان معها سائق أو قائد أو راكب، فأتلفت بيدها أو برجلها أو فمها ونحوه، وجب ضمانه في مال الذي هو معها، سواء كان مالكًا، أو مستأجرًا، أو مستعيرًا، أو غاصبًا، أو مودعًا، أو وكيلا، أو غيره، إلا أن تتلف آدميًا فتجب ديته على عاقلة الذي معها، والكفارة في ماله.