للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القسم الليل، نعم لو اضطربت العادة في بعض البلاد، فكان بعضهم يرسلها ليلاً، وبعضهم يرسلها نهارًا، فإنه يقضي بما دل عليه الحديث.

وأما البئر فقد قال أبو عبيد، المراد بها هنا البئر العادية القديمة، التي لا يعلم لها مالك، تكون في البادية فيقع فيها إنسان أو دابة، فلا شيء في ذلك على أحد، وكذلك لو حفر بئرًا في ملكه، أو في موات، فوقع فيها إنسان أو غيره، فتلف، فلا ضمان، إذا لم يكن منه تسبب إلى ذلك، ولا تغرير، وكذا لو استأجر إنسانًا ليحفر له البئر، فانهارت عليه، فلا ضمان، وأما من حفر بئرًا في طريق المسلمين، أو في ملك غيره، بغير إذن، فتلف بها إنسان فإنه يجب ضمانه على عاقلة الحافر، والكفارة في ماله، وإن تلف بها غير آدمي وجب ضمانه في مال الحافر، ويلتحق بالبئر كل حفرة، على التفصيل المذكور.

قال ابن بطال: وخالف الحنفية في ذلك، فضمنوا حافر البئر مطلقًا، قياسًا على راكب الدابة، ولا قياس مع النص.

وأما المعدن: فحكمه حكم البئر في كل ما ذكر.

ويمكن أن يلحق بالبئر والمعدن في ذلك كل أجير على عمل، كمن استؤجر على صعود نخلة، فسقط منها فمات، كما يلحق بذلك كل جماد، كمن أوقد نارًا، مما يجوز له، فتعدت، حتى أتلفت شيئًا، فلا ضمان عليه، ولو أن شخصًا عثر، فوقع رأسه في جدار فمات، أو انكسر لم يجب على صاحب الجدار شيء.

وأما الركاز: فقد قال النووي: في الحديث تصريح بوجوب الخمس فيه، وهو زكاة عندنا، والركاز عندنا هو دفين الجاهلية، وهذا مذهبنا ومذهب أهل الحجاز وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة وغيره من أهل العراق: هو المعدن. وهما عندهم لفظان مترادفان، وهذا الحديث يرد عليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بينهما، وعطف أحدهما على الآخر. اهـ وقد روي عن مالك أنه قال: الركاز دفن الجاهلية، الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال، ولا يتكلف له كثير عمل.

واللَّه أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>