نون ممنوعة من الصرف للعلمية والعجمة أو للعلمية وزيادة الألف والنون والجملة في محل النصب على الحال.
(أن لا تحكم بين اثنين وأنت غضبان)"أن" تفسيرية بمعنى أي فما بعدها مفسر للمكتوب "ولا" ناهية والفعل بعدها محزوم و"غضبان" غير مصروف للوصفية وزيادة الألف والنون وفي رواية البخاري "أن لا تقضي بين اثنين".
(فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) الفاء تعليلية.
(لا يحكم أحد بين اثنين) في رواية البخاري "لا يقضين حكم بين اثنين" وفي رواية للشافعي "لا يقضي القاضي -أو لا يحكم الحاكم- بين اثنين" والحكم بفتح الحاء والكاف هو الحاكم.
-[فقه الحديث]-
قال المهلب: سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق وقال ابن دقيق العيد: النهي عن الحكم حالة الغضب لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه قال: وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغير الفكر كالجوع والعطش المفرطين وغلبة النعاس وألحق به بعض العلماء الهم البالغ والفرح المفرط ومدافعة الحدث وما يتعلق به القلب تعلقا يخل بانتظام الفكر واستقامته. قال الحافظ ابن حجر: وهو قياس مظنة على مظنة وكأن الحكمة في الاقتصار على ذكر الغضب لاستيلائه على النفس وصعوبة مقاومته بخلاف غيره.
فالعلماء استنبطوا معنى دل عليه النص جعلوه علة للحكم وهو تغير الفكر فألحقوا بالغضب ما في معناه وإن كانت درجة تغير الفكر في كل تختلف والمقصود حماية الحكم من القصور الذي ينشأ من تغير الفكر واشتغال البال بغير القضية.
وجمهور العلماء يطلقون الغضب فلا فرق بين مراتبه ولا أسبابه وفصل إمام الحرمين والبغوي فقيدا الكراهية بما إذا كان الغضب لغير الله واستغرب الروياني هذا التفصيل واستبعده غيره لمخالفته لظواهر الأحاديث وللمعنى الذي نهى عن الحكم حالة الغضب لأجله.
والجمهور على أن الحكم في هذه الحالات مكروه فإن وقع صح ونفذ وقال بعض الحنابلة: لا ينفذ الحكم في حالة الغضب لثبوت النهي عنه والنهي يقتضي الفساد وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم أو قبل أن يستبين ففي الحالة الأولى لا يؤثر الغضب والحالة الثانية هي محل الخلاف قال الحافظ ابن حجر: وهو تفصيل معتبر.
واستدل للجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى وهو غضبان وأجاب المخالفون بأن النبي صلى الله عليه وسلم مأمون من التعدي والقصور أو أن غضبه كان للحق فمن كان في مثل حاله جاز.