(ثم حشونا جربنا) بضم الجيم وبضم الراء وإسكانها جمع جراب بكسر الجيم على المشهور ويقال بفتحها وفي رواية لمسلم "قال صلى الله عليه وسلم: خذوا في أوعيتكم قال: فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملئوه".
(فهل من وضوء) سؤال عن الماء بعد أن حلت مشكلة الطعام والوضوء ما يتوضأ به وهو بفتح الواو على المشهور وحكي ضمها.
(فجاء رجل بإداوة له فيها نطفة فأفرغها في قدح) الإداوة إناء صغير يحمل فيه الماء أشبه بما يعرف اليوم بالإبريق والنطفة الماء القليل الصافي والقدح إناء يشرب به الماء أشبه بما يعرف اليوم بطاس الماء والعامة تقول: طاسة.
(فتوضأنا كلنا) منه معطوف على محذوف أي فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة.
قال النووي: في هذا الحديث معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهما تكثير الطعام وتكثير الماء هذه الكثرة الظاهرة. قال المازري: في تحقيق المعجزة في هذا أنه كلما أكل منه جزء أو شرب جزء خلق الله تعالى جزءا آخر يخلفه وقيل: يحتمل أن يكون بتضعيف الأزواد وزيادة الكمية دفعة واحدة والأول أولى بالقبول حيث لم يتعرض الرواة لعظم الكمية ولو صح الاحتمال الثاني لقالوا مثلا: فكثر اليسير حتى صار مثل الجبل وقال: ومعجزات النبي صلى الله عليه وسلم ضربان أحدهما القرآن وهو منقول تواترا والثاني مثل تكثير الطعام والشراب ونحو ذلك وذلك فيه طريقان أحدهما أن تقول: تواترت الأخبار على المعنى كتواتر جود حاتم الطائي وحلم الأحنف بن قيس فإنه لا ينقل في ذلك قصة بعينها متواترة ولكن تكاثرت أفرادها بالآحاد حتى أفاد مجموعها تواتر الكرم والحلم وكذلك تواتر انخراق العادة للنبي صلى الله عليه وسلم بغير القرآن والطريق الثاني أن نقول: إذا روى الصحابي مثل هذا الأمر العجيب وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة وهم يسمعون روايته ودعواه أو بلغهم ذلك ولا ينكرون عليه كان ذلك تصديقا له يوجب العلم بصحة ما قال.
-[ويؤخذ من الأحاديث]-
١ - من الحديث الأول الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب.
٢ - وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج.
٣ - وأنه يكفي في فهم حاجة المحتاج عرضه للعطاء من غير سؤال.