وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقى وكانت عند توزيع الغنائم في سهم ثابت بن قيس فكاتبته على نفسها وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها وقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه وقد أصابني من البلايا ما لم يخف عليك وقد كاتبت على نفسي فأعني على كتابتي. فقال صلى الله عليه وسلم: أو خير من ذلك؟ أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك؟ فقالت: نعم. ففعل ذلك فبلغ الناس أنه قد تزوجها فقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأرسلوا ما في أيديهم من بني المصطلق فلقد أعتق الله بها مائة أهل بيت من بني المصطلق.
فمعنى "وأصاب يومئذ جويرية" أي غنمها ضمن السبايا والمعنى حازها وتزوجها.
-[فقه الحديث]-
موضوع هذا الحديث: هل يشترط دعاء الكافرين إلى الإسلام عند قتالهم؟ قبل الإغارة عليهم؟ لجواز أن يسلموا فلا يقاتلوا؟ وهي مسألة خلافية. وظاهر الحديث أن اشتراط ذلك كان أول الهجرة حيث كان الكفار لم تبلغهم الدعوة ولم يتضح لهم الإسلام أما بعد أن بلغت دعوة الإسلام الجزيرة العربية وغيرها فلا يشترط ذلك. ذهب إلى ذلك الأكثرون قال النووي: في هذه المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها: يجب الإنذار مطلقا -أي بلغتهم الدعوة أو لم تبلغهم الدعوة- قال: وهذا ضعيف والثاني: لا يجب مطلقا وهذا أضعف منه أو باطل الثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب وهذا هو الصحيح وبه قال نافع مولى ابن عمر والحسن البصري والثوري والليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر والجمهور قال ابن المنذر: وهو قول أكثر أهل العلم وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه فمنها هذا الحديث وحديث قتل كعب بن الأشرف وحديث قتل أبي الحقيق. اهـ.
وقد نص الشافعي على أن من وجد ممن لم تبلغه الدعوة لم يقاتل حتى يدعى. وقال مالك: من قربت داره قوتل بغير دعوة لاشتهار الإسلام ومن بعدت داره فالدعوة أقطع للشك وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي أحد كبار التابعين قال: كنا ندعو وندع قال الحافظ ابن الحجر: وهو منزل على الحالين المتقدمين.
قال النووي: وفي هذا الحديث جواز استرقاق العرب لأن بني المصطلق عرب من خزاعة وهذا قول الشافعي في الجديد وهو الصحيح وبه قال مالك وجمهور أصحابه وأبو حنيفة والأوزاعي وجمهور العلماء وقال جماعة من العلماء: لا يسترقون وهذا قول الشافعي في القديم.