وهذا الحديث دليل لهم فلفظه "قاتلوا من كفر بالله ... فإن هم أبوا فسلهم الجزية"
وحكى ابن القاسم عن مالك: لا تقبل من قريش.
وقال الشافعي: تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو عجما ويلتحق بهم المجوس في ذلك واحتج بالآية المذكورة فإن مفهومها أنها لا تقبل من غير أهل الكتاب واستثنى المجوس من هذا المفهوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها منهم. قال أبو عبيد: ثبتت الجزية على اليهود والنصارى بالكتاب وعلى المجوس بالسنة. اهـ.
وكان عمر يرفض أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر. رواه البخاري فكتب عمر لواليه: انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرني .. "قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن بن عوف.
وفي الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه "أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب" وأخرج الطبراني الحديث بلفظ "سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب".
قال مالك في الجزية: واستدل بقوله "سنة أهل الكتاب" على أنهم ليسوا أهل كتاب لكن روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عن علي "كان المجوس أهل كتاب يقرءونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم وقال: إن آدم كان ينكح أولاده بناته فأطاعوه وقتل من خالفه فأسرى على كتابهم وعلى ما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شيء".
وفرق الحنفية بين مجوس العجم ومجوس العرب فقالوا: تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب وحكى الطحاوي عنهم: تقبل الجزية من أهل الكتاب ومن جميع كفار العجم ولا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف وحديثنا يعارضهم ففي لفظه "وإذا لقيت عدوك من المشركين .. فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم".
أما مقدار الجزية فيتفاوت وأقلها عند الجمهور دينار لكل سنة وخصه الحنفية بالفقير وأما المتوسط فعليه ديناران وعلى الغني أربعة دنانير وعند الشافعية أن للإمام أن يماكس حتى يأخذها أربعة منهم وبه قال أحمد وأخرج أصحاب السنن وصححه الترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا إلى اليمن قال له: "خذ من كل حالم دينارا" واختلف السلف في أخذها من الصبي فالجمهور على أنها لا تؤخذ منه عملا بمفهوم الحديث السابق وكذا لا تؤخذ من شيخ فان ولا زمن ولا امرأة ولا مجنون ولا عاجز عن الكسب ولا أجير ولا أصحاب الصوامع.