للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للحديث عن عبد الله بن أبي أوفى من صور الوجادة ويمكن أن يقال: الظاهر أنه من رواية سالم عن مولاه عمر بن عبيد الله بقراءة سالم الكتاب على عمر لأنه كان كاتبه فهو من صور قراءة التلميذ على الشيخ المكتوب الموجه إلى الشيخ كأنه قال: عن عبد الله بن أبي أوفى أنه كتب إلى عمر فيصير حينئذ من صور المكاتبة من عبد الله بن أبي أوفى إلى عمر وعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي وكان أميرا على حرب الخوارج والحرورية طائفة من الخوارج تنسب إلى حروراء بلدة بقرب الكوفة لأنه كان بها أول اجتماعهم وتحكيمهم حين خالفوا عليا رضي الله عنه وكان عندهم تشدد في الدين حتى خرجوا عنه.

قال اللغويون: وهو من نوادر معدول النسب.

(كان في بعض أيامه) أي أيام غزواته.

(ينتظر) لا يبدأ القتال.

(حتى إذا مالت الشمس قام فيهم) أي في أصحابه وفي رواية للبخاري "كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات" وعند أحمد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس" وعند ابن منصور "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل إذا زالت الشمس ثم ينهض إلى عدوه" قال الحافظ ابن حجر: فيظهر أن فائدة التأخير لكون أوقات الصلاة مظنة إجابة الدعاء وهبوب الريح قد وقع النصر به في الأحزاب فصار مظنة لذلك.

وقد أخرج الترمذي عن النعمان بن مقرن رضي الله عنه قال "غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قاتل فإذا انتصف النهار أمسك حتى تزول الشمس فإذا زالت الشمس قاتل فإذا دخل وقت العصر أمسك حتى يصليها ثم يقاتل وكان يقال: عند ذلك تهيج رياح النصر ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم".

(واسألوا الله العافية) السلامة من المكروهات في البدن والمال والأهل والدنيا والآخرة وخصت بالدعاء في هذا المقام لأن الحرب مجال الإصابات والابتلاء وهل المراد بها هنا عدم لقاء العدو مع تحقيق الهدف؟ أم السلامة مع لقائه؟ الظاهر الأول.

(واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) الظلال جمع ظل وإذا تدانى الخصمان صار كل منهما تحت ظل سيف صاحبه لحرصه على رفعه عليه ولا يكون ذلك إلا عند التحام القتال ... وعند الطبراني بإسناد صحيح "الجنة تحت الأبارقة" أي تحت السيوف البارقة شديدة اللمعان.

وهو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمل على ضروب من البلاغة مع الوجازة وعذوبة اللفظ فإنه أراد الحض على الجهاد والإخبار بالثواب عليه والحض على مقاربة العدو واستعمال السيوف والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المتقاتلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>