رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بقطع نخيلهم وتحريقها {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب}[الحشر: ٢] ويئسوا من صلاحية المقام في هذا المكان بعد ست ليال من الحصار نزلوا على الجلاء عن دورهم على أن لهم ما حملت إبلهم إلا السلاح فقاموا يخربون بيوتهم بأيديهم يحملون منها ما يقدرون على حمله حتى الأبواب والنوافذ والأخشاب حملوها وهدموا ما استطاعوا هدمه من بيوتهم وكان جلاؤهم إلى الشام ونزلت فيهم سورة الحشر وفيها قوله تعالى {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} وفي صدرها يقول تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا}[الحشر: ٢] وهان على أشراف قريش حلفائهم هذا التحريق وهذا الإخراج كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال: إني بريء منك
وهكذا حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.
-[المباحث العربية]-
(حرق نخل بني النضير وقطع) ضبطوه "حرق" بفتح الحاء وتشديد الراء رباعي والتضعيف للمعالجة والتكلف وبذل الجهد أو للتكثير والمخفف صحيح من حيث اللغة يقال: حرقت النار الشيء والفاعل حارق والمفعول محروق.
وبنو النضير -بفتح النون وكسر الضاد- قبيلة كبيرة من اليهود وكانت منازلهم ونخلهم في ضواحي المدينة و"قطع" بتشديد الطاء وتخفيفها معطوف على "حرق" وتنازعا كلمة "نخل" أي حرق وقطع نخل بني النضير أي حرق بعضه وقطع بعضه وفي الرواية الثانية "قطع نخل بني النضير وحرق".
(وهي البويرة) اسم للبقعة التي كان بها نخلهم وهي مكان معروف بين المدينة وتيماء وهي من جهة قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب والبويرة أصلها البؤيرة تصغير بؤرة وهي الحفرة خففت الهمزة.
{ما قطعتم من لينة أو تركتموها} اللينة المذكورة في القرآن هي أنواع ثمر النخلة كلها إلا العجوة وقيل: كرام النخل وقيل النخل وقيل: كل الأشجار للينها.
وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
"سراة بني لؤي" بفتح السين وتخفيف الراء أي أشراف بني لؤي ورؤسائهم والمراد من بني لؤي قريشا وذلك أن قريشا كانوا يظاهرون كل من عادى النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد وعدوا بني النضير المساعدة والنصرة فلما وقع ببني النضير ما وقع خذلتهم قريش فقال حسان هذه الأبيات توبيخا لهم ومعنى "مستطير" منتشر.