وجنوبهم ومن الصعب على عاقل حكيم أن يأمن لعدو في داخل داره وكيف يأمن كيس لثعبان يسكنه في فراشه.
لقد غدر اليهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين مرة ومرة ونقضوا مواثيقهم من بعد عهدهم وبدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر.
ولما نفد الصبر وضاق بهم الصدر ولم يعد لاحتمالهم مجال خيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإسلام وبين الجلاء وترك البلاد على أن لهم أن يبيعوا ما يملكون لمن شاءوا وكيف شاءوا.
مثل أعلى لمعاملة الأعداء المحاربين في حالة ضعفهم إنهم بضع مئات من البشر الجبناء أمام الآلاف من المؤمنين الأقوياء من السهل قتلهم في قتال ومن السهل أسرهم واغتنام أموالهم ونسائهم وأولادهم ولكن أن تترك أرواحهم وأموالهم وذراريهم لهم؟ هذا منتهى الرحمة والمسالمة والإحسان.
-[المباحث العربية]-
(بينا نحن في المسجد)"بينا" هي "بين" الظرفية زيدت عليها الألف وناصبها المفاجأة في "إذ" والتقدير: فاجأنا خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقت وجودنا بالمسجد النبوي بالمدينة.
(انطلقوا إلى يهود) أي انطلقوا معي و"يهود" ممنوع من الصرف.
قال الحافظ ابن حجر: ولم أر من صرح بنسب اليهود المذكورين هنا والظاهر أنهم بقايا من اليهود تأخروا بالمدينة بعد إجلاء بني قينقاع وقريظة والنضير والفراغ من أمرهم لأنه كان قبل إسلام أبي هريرة وإنما جاء أبو هريرة بعد فتح خيبر وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض واستمروا إلى أن أجلاهم عمر قال: ويحتمل -والله أعلم- أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتح خيبر سمح لمن كان قد بقى بالمدينة من اليهود بالاستمرار فيها معتمدين على الرضا بإبقائهم للعمل في أرض خيبر ثم منعهم هنا في هذا الحديث من سكنى المدينة أصلا.
وسياق كلام القرطبي في شرح مسلم يقتضي أنه فهم أن المراد بهؤلاء اليهود بنو النضير ولعل الذي أوهم ذلك أن مسلما أورد حديث ابن عمر في إجلاء بني النضير -روايتنا الثانية- عقب حديث أبي هريرة -روايتنا الأولى- فأوهم أن اليهود المذكورين في حديث أبي هريرة هم بنو النضير ولكن لا يصح لتقدمه على مجيء أبي هريرة وأبو هريرة يقول في الحديث إنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقصة بني النضير كانت قبل بدر أو كانت بعد بئر معونة وعلى الحالين فهي قبل مجيء أبي هريرة وسياق إخراجهم مخالف لسياق هذه القصة فإنهم لم يكونوا داخل المدينة وإنهم إنما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستعين بهم في دية رجلين فأرادوا الغدر به فرجع إلى المدينة وأرسل إليهم يخيرهم بين الإسلام وبين الخروج فأبوا فحاصرهم فرضوا بالجلاء والرواية الثانية توضح ما كان من أمر يهود